التدرج في تحريم الخمر

الحمد لله

فقد ثبتت حرمة الخمر بكتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة
وقد حرمت نهائياً في المدينة سنة ثلاث للهجرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن الخمر حرمت سنة ثلاث بعد أحد باتفاق الناس. انتهى
لكن تحريم الخمر كان بتدرج، وبمناسبة حوادث متعددة، فإن الناس قبل تحريمها كانوا مولعين بشربها، فأول ما نزل صريحاً في التنفير منها وتحريمها، قول الله تعالى:
 يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ(219البقرة)
فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركها بعضهم، وقالوا: نأخذ منفعتها، ونترك إثمها 
 فنزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى(43النساء)
فتركها بعض الناس وقالوا: لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة وشربها بعضهم في غير أوقات الصلاة 
حتى نزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90المائدة) 
فصارت حراماً عليهم، حتى صار يقول بعضهم: ما حرم الله شيئاً أشد من الخمر  
وقد أكد تحريم الخمر والميسر بوجوه من التأكيد:
-ومنها: أنه سبحانه وتعالى قرنهما بعبادة الأصنام
-ومنها: أنه جعلهما رجساً
-ومنها: أنه جعلهما من عمل الشيطان، والشيطان لا يـأتي منه إلا الشر البحت
-ومنها: أنه أمر باجتنابهما [1]
ومنها: أنه جعل الاجتناب من الفلاح، وإذا كان الاجتناب فلاحاً كان الارتكاب خيبة وممحقة 
============
من فتاوى موقع الشبكة الإسلامية

قلت: فإن الاجتناب آكد في التحريم من مجرد لفظ "حرم" لأن في الاجتناب معنى زائداً على مجرد التحريم، وهو البعد كلية عن الشيء المنهي عنه , أن تكون في جانب وهي في جانب بعيد 
 ففي كتاب آيات الأحكام للصابوني: التعبير بقوله تعالى (فاجتنبوه)[المائدة:9] أبلغ في النهي والتحريم من لفظ "حرَّم" لأن معناه البعد عنه بالكلية، فهو مثل قوله تعالى ( ولا تقربوا الزنا) [الإسراء:32] لأن القرب منه إذا كان حراماً، فيكون الفعل محرماً من باب أولى 
  فقوله: فاجتنبوه معناه: كونوا في جانب آخر منه
وكلما كانت الحرمة شديدة، جاء التعبير بلفظ الاجتناب كما قال تعالى( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَان)الحج30 
ومعلوم أنه ليس هناك ذنب أعظم من الإشراك بالله.والله أعلم 
المصدر: موقع الشبكة الإسلامية رقم الفتوى 20847

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر