معنى قوله :كنت سمعه الذي يسمع به وبصره ..الخ

ما معنى قوله تعالى في الحديث القدسي ( وإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يُبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي عليها ) ؟
 
إذا أدى المسلم ما فرض الله عليه ثم اجتهد في التقرب إلى الله تعالى بنوافل الطاعات واستمر على ذلك ما وسعه ، أحبَّه الله تعالى ، وكان عوناً له في كل ما يأتي ويذر ، فإذا سمع كان مسددا من الله في سمعه ، فلا يستمع إلا إلى الخير ولا يقبل إلا الحق وينزاح عنه الباطل ، وإذا أبصر بعينه أو قلبه أبصر بنور من الله ، فكان في ذلك على هدى من الله وبصيرة نافذة بتأييد الله وتوفيقه 

 فيرى الحق حقّا والباطل باطلاً ، وإذا بطش بشيء بقوة من الله فكان بطشه من بطش الله نصرة للحق ، وإذا مشى كان مشيه في طاعة الله طلباً للعلم ، وجهاداً في سبيل الله وبالجملة كان عمله بجوارحه الظاهرة والباطنة بهداية من الله وقوة منه سبحانه 

وبهذا يتبين أنه ليس في الحديث دليل على حلول الله في خلقه أو اتحاده بأحد منهم ، ويُرشد إلى ذلك ما جاء في آخر الحديث من قوله تعالى : ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذ بي لأعيذنه وماجاء في بعض الروايات من قوله : فبي يسمع ويُبصر .. الخ  
 
 ففي ذلك إرشاد إلى المراد من أول الحديث ، وتصريح بسائل ومسؤول ومستعيذ ومُعيذ .. وهذا الحديث نظير الحديث القدسي الآخر ( يقول الله تعالى : عبدي مرضتُ فلم تَعُدني الخ .. ) فكل منها يشرح آخره أوله ، ولكن أرباب الهوى يتبعون ماتشابه من النصوص ، ويعرضون عن المُحْكَم منها ، فضلوا سواء السبيل . وبالله التوفيق
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم 
 
============
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر