هل للزوجة أن تشترط ألا يتزوج عليها ؟

الحمد لله 
من الشروط في النكاح المختلف فيها؛ فقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه شرط فاسد؛ لأنه يتضمن تحريم ما أحل الله، فإن وقع هذا الشرط في العقد فسد الشرط ولم يفسد العقد 
 وذهب جمع من العلماء إلى أنه شرط صحيح، منهم الإمام أحمد، وليس فيه تحريم ما أحل الله؛ لأنه غايته إنْ تزوج الرجل بأخرى أو أصرَّ على ذلك أن ينفسخ نكاح الزوجة الأولى صاحبة الشرط، أو أن لها الفسخ، فيتزوج الرجل بمن رغب فيها، والزوجة الأولى تطلب العوض مِن الله مِن زوجها؛، وإن شاءت صبرت على ظلم الزوج؛ لعدم وفائه بشرطها 
 
 ويأثم الزوج بعدم وفائه بالشرط الذي قد قبله عند العقد، مما يضطر الزوجة التي اشترطت ذلك لنفسها إلى أحد أمرين؛ إما إلى فسخ النكاح، أو الصبر على ضرر الضرَّة 
 كيف، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أحقُّ الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"، وهذا الرجل لم يستحلَّ فرج زوجته إلا بشرط ألا يتزوج عليها، وهي لم تُكْرِهْهُ على قبوله، وهو لم يقبله إلا رغبة فيها، فعليه أن يفي، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم 
 
 وهذا القول الثاني هو الصحيح، أعني أن الشرط صحيح، وهو قول جمع من الصحابة منهم عمر الفاروق رضي الله عنهم أجمعين، ولم يعلم لهم مخالف، فكان إجماعا، كما قال صاحب المغني (ج9ص485 ـ طبعة هجَر)، وعلى هذا؛ فإذا لم يف الزوج بهذا الشرط فللزوجة حقُّ الفسخ، وهذا هو شأن جميع الشروط في العقود، لما جاء في الحديث: "المسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرَّم حلالا، أو أحلَّ حراما"، وبناء على ما سبق؛ فلولي المرأة أن يشترط على الزوج ألا يتزوج عليها، ويوثق ذلك في عقد النكاح، والله أعلم.
 
****************
سماحة الشيخ العلامة عبد الرحمن البراك

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر