إذا سافرَ المُتمتِّعُ بنيَّة الرّجوع إلى مكة هل ينقطع تمتّعه ؟
الحمد لله
مَن قدمَ مكَّة متمتِّعًا وفرغ مِن العمرة، ثم سافر مسافةَ قصر ٍ؛ كسفره إلى المدينة والطَّائف وغيرهما، فذهب كثيرٌ مِن أهل العلم إلى أنَّه ينقطع تمتُّعه ، استنادًا إلى أثر عمر -رضي الله عنه- وهو قوله: «إذا اعتمرَ في أشهرِ الحجِّ ثمَّ أقامَ فهو متمتِّعٌ، فإنْ خرجَ ورجعَ فليسَ بمتمتِّعٍ» ، وعن ابن عمر نحو ذلك قاله ابن قدامة في المغني
وحينئذٍ فإذا رجع إلى مكة فإنَّه يلزمه الإحرامُ مِن الميقات الذي يمرُّ به، كما لم لو يكن منه تمتعٌ قبلُ، فإن أحرمَ بالحجّ صارَ مفردًا، وإن أحرمَ بعمرة صار متمتعًا تمتعًا جديدًا.
وذهب جمعٌ مِن أهل العلم سلفًا وخلفًا إلى أنَّه لا ينقطع تمتعه بسفره ؛ فإنَّه سافرَ بنيَّة الرّجوع إلى مكة ؛ فهو مقيمٌ على نسكه، ومقتضى هذا القول -أعني القول بعدم انقطاع التَّمتُّع بالسَّفرالعارض-: أنَّه لا يلزم مَن هذه حالُه الإحرامُ مِن الميقات عند رجوعه للحج ؛ لأنَّه يرجع لإتمام نسكه الذي كان قد أحرم به، بل يُحرم مِن مكة يوم التَّروية كغيره مِن المحلِّين، وتكون حاله كأهل مكة.
ويؤيد هذا الحكم: أنَّ الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم ينه أحدًا مِن الذين أمرهم بالإحلال وفسخ إحرامهم إلى عمرة، لم ينه أحدًا عن السَّفر، ومِن المعلوم أنه لابدَّ أن تعرض لبعضهم الحاجة، ولا سيما إلى البلدان القريبة كالطائف وجدة ونحوهما، وقد ذهب الشَّيخ محمَّد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في عدد مِن جواباته إلى أنَّ المتمتِّع إذا سافر بنيَّة الرّجوع إلى مكة فإنَّه لا يلزمه الإحرام مِن الميقات ، وهو المفهوم مِن فتاوى الشَّيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
وبناء على ما سبق: يتوجّه القول بأنَّ المتمتِّع إذا سافر عازمًا على الرّجوع إلى مكة، فإنَّه لا يجب عليه الإحرامُ مِن الميقات الذي يمرُّ به ؛ لأنَّه لا يزال متلبّسًا بنسكه، وراجعًا لإتمامه، ولم يتعرَّض أكثر المصنّفين لهذه المسألة ؛ لأنَّ القول الذي عليه الأكثرون هو انقطاع التَّمتع بالسَّفر، وعند هؤلاء يجب على مَن تمتَّع ثم سافر أن يُحرم مِن الميقات الذي يمرّ به، والله أعلم
*********
مختصر من فتاوى سماحة الشيخ العلامة البراك حفظه الله