تفسير: يا أيها النبي اتق الله

الحمد لله
قال تعالى: { یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ ٱتَّقِ ٱللَّهۚ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیما 
[1الأحزاب] 
يقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ﴾، والمراد به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: { اتَّقِ اللَّهَ﴾، ﴿اتَّقِ اللَّهَ﴾ دُمْ على تقواه، لأنك إذا أمرت أحدًا بشيء فالأصل أنه غير مُتَلَبِّس به، فإذا قلت: يا فلان قُمْ، فهل هو قائم، ولَّا لا؟ لا، هذا هو الأصل، الأصل أن الأمر إنشاء ما لم يكن، فإذا قلت: يا فلان قم، أو يا فلان اقعد، فإنه حين توجيه الأمر إليه ليس متصفًا بهذا الوصف، أليس كذلك؟ 

النبي عليه الصلاة والسلام قال الله له: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾، فلو أخذنا بظاهر العبارة لكان النبي صلي الله عليه وسلم حين توجيه الخطاب إليه لم يكن مُتَّقِيًا، وهذا أمر لا يمكن، لذلك يكون معنى ﴿اتَّقِ اللَّهَ﴾ أي: دم على تقواه، ومن هنا نأخذ أن الأمر بالشيء قد يكون أمرًا بتجديده، وقد يكون أمرًا بالاستمرار عليه، عرفتم؟

وقد يكون أمرًا بالتفصيل لهذا المأمور به، فمثلًا إذا قلت: يا أيها المؤمن آمِنْ، فالمعنى: دُمْ على إيمانك وحَقِّقْه.
وفي قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ﴾
[النساء ١٣٦]، الأمر هنا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ﴾، أي: دُومُوا عليه، لكن فيه تفصيل، يعني: آمَنُوا مُجْمَلًا، ثم قال: {آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ﴾

فصار إذن توجيه الأمر في الأصل يوجَّه الأمر في الأصل إلى مَن لم يكن مُتَلَبِّسًا به، هذا هو الأصل، وقد يوجَّه إليه لطلب الاستمرار، وقد يوجَّه إليه لبيان التفصيل، كما في قوله: 
 ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ﴾ 
********* 
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله 
من تفسير سورة الأحزاب 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر