مسألة الظّفَر بالحق
الحمد لله
إئا لم يمكنك أخذ مستحقاتك الثابته لك شرعا , ولو بالرجوع إلى القضاء - الذي لا يرهقك ولا يكلفك -فلك أن تأخذ قدر حقك ولا تزيد , وهذا مايعرف عند أهل العلم بمسألة الظّفَر
فمن كان له على آخر حق وهو منكر له أو ممتنع عن أدائه فظفر المظلوم بشيء من مال الظالم فهل له أخذ حقه من هذا المال ؟
ذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن له ذلك واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند لنت عتبة امرأة أبي سفيان لما اشتكت إليه أن أبا سفيان لا يعطيها مايكفيها وأولادها من النفقة : خذي مايكفيك وولدك بالمعروف ) [1]
وقال الشنقيطي رحمه الله :
" إنْ ظلمك إنسانٌ بأنْ أخذَ شيئاً مِن مالِك بغير الوجه الشرعي ،ولم يمكن لك إثباتُه ، وقدرتَ له على مثل ما ظلمك به على علو وجهٍ تأمن معه الفضيحة والعقوبة ، فهل لك أنْ تأخذَ قدرِ حقِّك أو لا ؟
أصحُّ القولين ، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس : أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك مِن غيرِ زيادةٍ ؛ لقوله تعالى : ( فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ…) الآية ، وقوله : ( فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم ) ، وممن قال بِهذا القول : ابن سيرين ، وإبراهيم النخعي ،وسفيان ، ومجاهد ، وغيرهم .
وقالت طائفة من العلماء - منهم مالك - : لا يجوز ذلك ، وعليه دَرَج خليل بن إسحاق المالكي في " مختصره " بقوله في الوديعة : وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها ، واحتج من قال بِهذا القول بحديث : (أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) اهـ
وهذا الحديث - على فرض صحته - لا ينهض الاستدلال به ؛ لأنَّ مَن أخذَ قدرَ حقِّه ولم يزد عليه لم يخن مَن خانه ، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه
" انتهى من "أضواء البيان" (3/353)
والأخذ بمسألة الظفر مقيد بثلاثة أمور ، تُعلم من مقاصد الشريعة وقواعدها ، ومما سبق نقله عن أهل العلم :
الأول : ألا يأخذ أكثر من حقه
الثاني : أن يأمن الفضيحة والعقوبة
الثالث : ألا يمكنه الوصول إلى حقه عن طريق القضاء ، لعدم وجود البينة لديه ، أو لسوء إجراءات التقاضي وما يصحبه من كلفة وتأخر
فإن اختل شرط من هذه الشروط لم يجز له العمل بمسألة الظفر
^^^^^^^^^^^
مختصر من الإسلام سؤال وجواب
---------
[1] رواه البخاري (5049) ومسلم (1714)