تفسير: وإن تُبدوا مافي أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله

بسم الله الرحمن الرحيم
( لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:284) 
 
وقوله تعالى: { وإن تبدوا } أي وإن تظهروا؛ { ما في أنفسكم } أي ما في قلوبكم؛ { أو تخفوه } يعني تسرُّوه، فلا يطلع عليه أحد

قوله تعالى: { يحاسبكم به الله } أي يُطْلِعكم عليه على وجه المحاسبة 
 ولا يلزم من المحاسبة العقوبة 
 ولهذا قال تعالى: { فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) 
 



ولما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير } اشتد ذلك على الصحابة، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها 
 
 قال صلى الله عليه وسلم: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا! بل قولوا: {سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} ، قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير؛ فلما اقترأها القوم ذَلَّت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها: 
 {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} [البقرة: 285] 
 
 فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى، فأنزل الله عز وجل: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال تعالى: «نعم»؛ {ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا} قال تعالى: «نعم»؛ {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} قال تعالى: «نعم»؛ {واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} قال تعالى: «نعم»(214) 
 
=============
فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
من تفسير سورة البقرة  
----------------------------------
214) أخرجه مسلم ص699، كتاب الإيمان، باب 57: بيان تجاوز الله تعالى عن حديث النفس...، حديث رقم 329 [199] 125

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر