لِمَ كان القول بخلق القرآن كفراً؟

الحمد لله
والأدلة على كون القرآن كلام الله غير مخلوق أكثر من أن تُحصَر، ومن ذلك أن الله - تعالى - فرق بين الخلق والأمر في قوله - تعالى -:{ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} 54الأعراف 
 فالخلق خلق الله، والأمر: القرآن

كما فرَّق سبحانه بين عِلْمه وخَلْقه، فقال سبحانه : 

{الرَّحْمَنُ - عَلَّمَ الْقُرْآنَ- خَلَقَ الْإِنسَانَ} 1-3الرحمن 
 فالقرآن عِلمُه، والإنسان خَلْقُه؛ فعلمه - تعالى - غير مخلوق

و قال سبحانه :{ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ} 61آل عمران 
فالعلم هاهنا هو القرآن
 
 
وفي حديث خولة بيت حكيم - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق، لم يضرَّه شيء حتى يرحل من منزله ذلك - أخرجه مسلم 
فكلمات الله غير مخلوقة؛ إذ لا يُشرَع الاستعاذة بمخلوق، وإنما يستعاذ بالله - تعالى - وبأسمائه وصفاته

وعن أبي هريرة رضى الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال 

 ( فَضْل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه) [1]

 فلو كان كلام الله مخلوقاً لم يكن فضل ما بينه وبين سائر الكلام كفضل الله على خلقه، وليس شيء من المخلوقين من التفاوت في فضل ما بينهما كما بين الله وبين خَلْقِه  

 
أيُظَن أن السلف الصالح يكفِّرون ويغلِّظون على من خالفهم في مسألة فروعية؟
أيُظَن أن الإمام أحمد بن حنبل يُعرِّض نفسه للتلف لأجل مسألة يسوغ فيها الخلاف؟

فلقد كابد الإمام أحمد السجن أكثر من عامين، وتخلَّى عنه الناس، وتوالت عليه السياط، وعانى الضرب الشديد حتى تخلَّعت يداه، وتفاقمت جروحه، ومُنِع من صلاة الجمعة والجماعة 

 أفيكون ذلك كله لأجل أمر اجتهادي؟ 

 فإن القول بخلق القرآن باعثُه القياس الفاسد ؛ فهو تحاكم وتسليم لعلم الكلام والابتداع
لقد أكمل الله - تعالى - لأمة الإسلام الدين وأتم عليهم النعمة: فنحن نعلم أن كل حق يحتاج الناس إليه في أصول دينهم لا بد أن يكون مما بيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف يجوز أن يترك الرسول أصول الدين التي لا يتم الإيمان إلا بها لا يبينها للناس؟ 
   
==============  
مختصر من مقالات فضيلة د/عبد العزيز آل عبد اللطيف  
---------------------------
[1] أخرجه أحمد: 3/390، وأبو داود: (4734)، والترمذي: (2925) وصححه 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر