معنى بيع العينة وحكمه
الحمد لله
بيع العينة مثله: كأن تريد أن تشتري براداً، والحقيقة أنك لا تريد أن تشتري براداً، إنما تريد قروشاً، فتأتي إلى التاجر فتشتري براداً -مثلاً- بمائة جنيه
وقبل أن يسمي لك الثمن -تأتي معاملة نعتقدها أيضاً غير مشروعة- يقول لك: تريد أن تشتري نقداً أم تقسيطاً؟ وأنت كما قلنا في صورة بيع العينة لا تريد أن تشتري أصلاً، فتقول له: أنا أريد أن أشتري بالتقسيط
فهذا البراد لو قلت له: أريده نقداً ربما قال لك: بثمانين أو بتسعين وتقسيطاً يقول لك: مائة، فتقول: سجل عليَّ مائة، انتهى كل شيء وما انتهى أي شيء
لماذا؟ ستعود أنت وقد اشتريت البراد بائعاً ويعود التاجر البائع لك شارياً، فتقول له: اشتر أنت مني هذا البراد نقداً
هو كان يبيعه لك بالتقسيط -مثلاً- بثمانين، فالآن يريد أن يشتريه منك بخمسة وسبعين أو دون ذلك، بحسب ما يناسبه ويناسب جشعه وطمعه
فأنت تأخذ الخمسة والسبعين ديناراً وتنطلق، وقد سجل عليك بذلك مائة دينار
هذه هي صورة بيع العينة. والعينة مشتقة من عين الشيء وذاته، أي: هذا البراد عينه وذاته بيع واشتري بمجلس واحد، ودون أن يتزحزح من مكانه، وبثمنين مختلفين، ثمن باهظ وهو ثمن البيع الأول، وثمن ناقص وهو ثمن البيع الثاني
كل ذلك لف ودوران واحتيال، على استحلال ما حرم الله من الربا، فبدل أن يأتي شاري البراد إلى التاجر ويقول: يا أخي! أنا بحاجة إلى خمسة وسبعين ديناراً، أعطني اليوم، وأعطيك بعد كذا شهر مائة دينار، هذا ربا مكشوف
يدفع بدل خمسة وسبعين مائة! هذا ربا مكشوف، لذلك زين لهم الشيطان سوء أعمالهم وقال لهم: هذا ربا مكشوف، لكن ابحث عن الحكم الشرعي وتوصل إلى مأربك الذي هو أخذ الدين بربا بواسطة بيع العينة
ما الفرق بين أن يعطي التاجر الرجل المحتاج للمال خمسة وسبعين ليوفيها بعد ذلك مائة، وبين إدخال الوسيط بينهما والنتيجة واحدة لا تختلف؟ أخذ خمسة وسبعين وسيوفيها مائة
هل هذا حلال؟ حاشا لله! فبيع العينة: هو بيع الشيء في مجلس واحد مرتين بثمنين متباينين، كوسيط لاستحلال الربا المكشوف
******************
فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى