مذهب السلف في علو الله تعالى

الحمد لله

مذهب السلف رضوان الله عليهم أن الله تعالى بذاته فوق عباده، وقد قال تعالى:  
 ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(النساء59)

وعلى هذا فإن المتأمل في هذه المسألة –مسألة علو الله- تعالى بذاته على خلقه بعد ردها إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يتبين له أن الكتاب والسنة قد دلا دلالة صريحة بجميع وجوه الدلالة على علو الله تعالى بذاته فوق خلقه، بعبارات مختلفة منها:  
 
1- التصريح بأن الله تعالى في السماء، كقوله تعالى: 
 (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) (الملك:17) 

وقوله صلى الله عليه وسلم في رقية المريض  ((ربنا الله الذي في السماء)) إلى آخر الحديث (1)
  
 وقوله صلى الله عليه وسلم ((والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها)) رواه مسلم  
 
2- التصريح بفوقيته تعالى، كقوله تعالى (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) (الأنعام: من الآية18) (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم)(النحل: من الآية50) وقوله صلى الله عليه وسلم ((إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه إن رحمتي سبقت غضبي))(2) 
 
3-التصريح بصعود الأشياء إليه، ونزولها منه، والصعود لا يكون إلا إلى أعلى، والنزول لا يكون إلا من أعلى، كقوله تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)(فاطر:الآية10) وقوله  (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ)(المعارج: الآية4) وقوله (يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْه)(السجدة: الآية5) 

 وقوله صلى الله عليه وسلم ((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني)) إلى آخر الحديث (3)

 وفي حديث البراء بن عازب –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، علمه ما يقول إذا آوى إلى فراشه، ومنه ((آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت)) . وهو في صحيح البخاري وغيره (4)
 
4- التصريح بوصفه تعالى بالعلو، كما في قوله تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) (الأعلى:1) وقوله ( وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(البقرة: الآية255)  
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ((سبحان ربي الأعلى ))(5) 
   
5- سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية حين قال له ((أين الله))؟ قالت: في السماء، قال ((أعتقها فإنها مؤمنة)) (6)
 من حديث طويل عن معاوية بن الحكم السلمي –رضي الله عنه- وهو صريح في إثبات العلو الذاتي لله تعالى، لأن ((أين)) إنما يستفهم بها عن المكان وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم هذه المرأة حين سألها أين الله؟ فأقرها على أنه تعالى في السماء، وبين أن هذا مقتضى الإيمان حين قال ((أعتقها فإنها مؤمنة))  
 
فلا يؤمن العبد حتى يقر ويعتقد أن الله تعالى في السماء، فهذه أنواع الأدلة السمعية الخبرية من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تدل على علو الله تعالى بذاته فوق خلقه، أما أفراد الأدلة فكثيرة لا يمكن حصرها في هذا الموضع 
 
تفسير : وهو معكم أين ما كنتم  
 
**************** 
فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى 
من فتاوى أركان الإسلام- فتاوى العقيدة   
----------------------
 (1)أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الشروط  (2736)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها (2677)
(2)أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء آمين (3237)، ومسلم، كتاب النكاح، باب تحريم امتناعها عن فراش زوجها (1436) واللفظ له  
(3) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى: (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده) (3194)، ومسلم، كتاب التوبة، باب سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه (2751) 
(4) أخرجه البخاري، كتاب التهجد، باب الدعاء والصلاة من آخر الليل (1145)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل (758) 
(5) أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا نام (6313)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (2710) 
(6) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218) 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر