النسخ في القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
حكمة النسخ
للنسخ حِكَمٌ متعددة منها
1 - مراعاة مصالح العباد بتشريع ما هو أنفع لهم في دينهم ودنياهم.
2 - التطور في التشريع حتى يبلغ الكمال.
3 - اختبار المكلفين باستعدادهم لقبول التحول من حكم إلى آخر ورضاهم بذلك.
4 - اختبار المكلفين بقيامهم بوظيفة الشكر إذا كان النسخ إلى أخف، ووظيفة الصبر إذا كان النسخ إلى أثقل
والنسخ جائز عقلاً وواقع شرعاً
أما جوازه عقلاً
فلأن مقتضى حكمة الله ورحمته بعباده أن يشرع لهم ما يعلم تعالى أن فيه قيام مصالح دينهم ودنياهم، والمصالح تختلف بحسب الأحوال والأزمان، فقد يكون الحكم في وقت أو حال أصلح للعباد، ويكون غيره في وقت أو حال أخرى أصلح، والله عليم حكيم
كنسخ عشر الرضعات السابق في حديث عائشة رضي الله عنها
فلأن مقتضى حكمة الله ورحمته بعباده أن يشرع لهم ما يعلم تعالى أن فيه قيام مصالح دينهم ودنياهم، والمصالح تختلف بحسب الأحوال والأزمان، فقد يكون الحكم في وقت أو حال أصلح للعباد، ويكون غيره في وقت أو حال أخرى أصلح، والله عليم حكيم
وأما وقوعه شرعاً فلأدلة منها
1 - قوله تعالى: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة106)
2 - قوله تعالى:الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُم)(لأنفال66) (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنّ)(البقرة187)
فإن هذا نص في تغيير الحكم السابق
فإن هذا نص في تغيير الحكم السابق
3 - قوله صلّى الله عليه وسلّم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها"
فهذا نص في نسخ النهي عن زيارة القبور
فهذا نص في نسخ النهي عن زيارة القبور
ما يمتنع نسخه
يمتنع النسخ فيما يأتي
1 - الأخبار، لأن النسخ محله الحكم، ولأن نسخ أحد الخبرين يستلزم أن يكون أحدهما كذباً، والكذب مستحيل في أخبار الله ورسوله
2 - الأحكام التي تكون مصلحة في كل زمان ومكان: كالتوحيد، وأصول الإيمان وأصول العبادات ومكارم الأخلاق من الصدق والعفاف، والكرم والشجاعة، ونحو ذلك؛ فلا يمكن نسخ الأمر بها
وكذلك لا يمكن نسخ النهي عما هو قبيح في كل زمان ومكان كالشرك والكفر ومساوئ الأخلاق من الكذب والبخل والجبن ونحو ذلك، إذ الشرائع كلها لمصالح العباد ودفع المفاسد عنهم
وكذلك لا يمكن نسخ النهي عما هو قبيح في كل زمان ومكان كالشرك والكفر ومساوئ الأخلاق من الكذب والبخل والجبن ونحو ذلك، إذ الشرائع كلها لمصالح العباد ودفع المفاسد عنهم
شروط النسخ
يشترط للنسخ فيما يمكن نسخه شروط منها
1 - تعذر الجمع بين الدليلين، فإن أمكن الجمع فلا نسخ لإمكان العمل بكل منهما
2 - العلم بتأخر الناسخ ويعلم ذلك إما بالنص أو بخبر الصحابي أو بالتاريخ
مثال ما علم تأخره بالنص: قوله صلّى الله عليه وسلّم
مثال ما علم تأخره بالنص: قوله صلّى الله عليه وسلّم
"كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة
ومثال ما علم بخبر الصحابي: قول عائشة رضي الله عنها
كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات
كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات
ومثال ما علم بالتاريخ: قوله تعالى (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) فقوله (الآن) يدل على تأخر هذا الحكم
وكذا لو ذكر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم حكم بشيء قبل الهجرة، ثم حكم بعدها بما يخالفه، فالثاني ناسخ
وكذا لو ذكر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم حكم بشيء قبل الهجرة، ثم حكم بعدها بما يخالفه، فالثاني ناسخ
3 - ثبوت الناسخ، واشترط الجمهور أن يكون أقوى من المنسوخ أو مماثلاً له؛ فلا ينسخ المتواتر عندهم بالآحاد، وإن كان ثابتاً، والأرجح أنه لا يشترط أن يكون الناسخ أقوى أو مماثلاً؛ لأن محل النسخ الحكم، ولا يشترط في ثبوته التواتر
أقسام النسخ
ينقسم النسخ باعتبار النص المنسوخ إلى ثلاثة أقسام
الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه
وهذا هو الكثير في القرآن مثاله: آيتا المصابرة، وهما قوله تعالى ) إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)(الأنفال65)، نسخ حكمها بقوله تعالى )الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال
وهذا هو الكثير في القرآن مثاله: آيتا المصابرة، وهما قوله تعالى ) إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)(الأنفال65)، نسخ حكمها بقوله تعالى )الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال
وحكمة نسخ الحكم دون اللفظ، بقاء ثواب التلاوة، وتذكير الأمة بحكمة النسخ
الثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه
كآية الرجم، فقد ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان فيما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورجمنا بعده
فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن من الرجال والنساء، وقامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف
كآية الرجم، فقد ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان فيما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورجمنا بعده
فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن من الرجال والنساء، وقامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف
وحكمة نسخ اللفظ دون الحكم اختبار الأمة في العمل بما لا يجدون لفظه في القرآن، وتحقيق إيمانهم بما أنزل الله تعالى
الثالث: ما نسخ حكمه ولفظه كنسخ عشر الرضعات السابق في حديث عائشة رضي الله عنها
وينقسم النسخ باعتبار الناسخ إلى أربعة أقسام
الأول: نسخ القرآن بالقرآن؛ ومثاله آيتا المصابرة
الثاني: نسخ القرآن بالسنّة؛ ولم أجد له مثالاً سليماً
الثالث: نسخ السنة بالقرآن: ومثاله نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة، باستقبال الكعبة الثابت بقوله تعالى )فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه)(البقرة144)
=============
=============
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى