هل يفطر ليتقوى على أداء العمرة؟
نقول إن النبي صلى الله عيه وسلم دخل مكة في العشرين من رمضان من عام الفتح، وكان عليه الصلاة والسلام مفطراً، وكان يصلي ركعتين في أهل مكة ويقول لهم (( يا أهل مكة أتموا ، فإنا قوم سفر))400 وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفطراً بقية الشهر، لأنه كان مسافراً
فلا ينقطع سفر المعتمر بوصوله إلى مكة، ولا يلزمه الإمساك إذا قدم مفطراً ، وقد يكون بعض الناس مستمّراً في صيامه حتى في السفر، نظراً إلى أن الصيام في السفر في الوقت الحاضر ليس بشاق على الأمة، فيستمر في صيامه في سفره، ثم يقدم مكة ويكون متعباً
فيقول في نفسه هل أستمر على صيامي، وأؤجل العمرة إلى ما بعد الفطر، أم أفطر لأجل أن أؤدي العمرة فور وصولي إلى مكة؟
فنقول له في هذه الحال: الأفضل أن تفطر لأجل أن تؤدي العمرة فور وصولك إلى مكة وأنت نشيط؛ لأن السنة لمن قدم مكة لأداء نسك أن يبادر فوراً لأداء هذا النسك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة وهو في نسك بادر إلى المسجد، حتى كان ينيخ راحلته عند المسجد، ويدخله ليؤدي نسكه الذي كان متلبساً به
فكونك – أيها المعتمر- تفطر لتؤدي العمرة بنشاط في النهار، أفضل من كونك تبقى صائماً، ثم إذا أفطرت في الليل قضيت عمرتك
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان صائماً في سفره لغزوة الفتح فجاء إليه الناس وقالوا : يا رسول الله إن الناس قد شق عليهم الصيام ، وأنهم ينتظرون ماذا تفعل ، وكان ذلك بعد العصر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فشربه، والناس ينظرون، فأفطر النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء السفر، بل أفطر في آخر اليوم401 ، وكل هذا من أجل أن يبين للأمة أن ذلك جائز
وتكلف بعض الناس الصوم في السفر مع المشقة خلاف السنة بلا شك، وينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم (( ليس من البر الصيام في السفر))402
==========
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
-------------------------
(400) أخرجه البخاري: كتاب المغازي/ باب غزوة الفتح في رمضان (4275).
(401) أخرجه مسلم: كتاب الصيام/ باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية
(1114).
(1114).
(402) تقدم تخريجه