لم نفعلها وحُسِبت علينا
الحمد لله
حين يقف الإنسان في اليوم الآخر لحظة تسليم الصحائف والاطلاع على محتوياتها، فإن الإنسان ربما لن يتفاجأ كثيراً من خطايا نفذها فعلاً وقام بها، فهو قد علم مسبقاً بأنه سيراها في صحيفته
وإنما المفاجأة المذهلة حقاً أن يجد الإنسان في صحيفته خطايا لم يفعلها هو، ومع ذلك يجدها مدونةً في كتاب أعماله، محسوبةً عليه
ربما يجد الإنسان في صحيفته خطايا لعشرات الأشخاص، بل ربما لمئات الأشخاص، بل ربما لملايين الأشخاص وكلها مُجَدْولة في صحيفة سيئاته، وسيحاسبه الله عليها
وإنما المفاجأة المذهلة حقاً أن يجد الإنسان في صحيفته خطايا لم يفعلها هو، ومع ذلك يجدها مدونةً في كتاب أعماله، محسوبةً عليه
ربما يجد الإنسان في صحيفته خطايا لعشرات الأشخاص، بل ربما لمئات الأشخاص، بل ربما لملايين الأشخاص وكلها مُجَدْولة في صحيفة سيئاته، وسيحاسبه الله عليها
حسناً! من أين جاءته هذه الأعمال التي لم يعملها، وكيف حُسبت عليه خطايا لم يفعلها هو؟
استمع إلى هاتين الآيتين العجيبتين اللتين تكشفان هذه الحقيقة المخيفة:
{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} (النحل25)
{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} (العنكبوت13)
{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} (العنكبوت13)
يا الله! كم من كلمة نطقنا بها في مجلس من المجالس، وقلنا فيها على الله بغير علم، فتأثر بها أحد الجالسين فتجرأ على المعصية، فصارت خطيئته في صحائفنا ونحن لا نعلم! وكلما كرر معصيته، تكررت في صحائفنا، يلاحقنا شؤم تلك الجرأة على الشريعة!!
وكم من مقالة أثار فيها كاتب من الكتّاب شبهةً شوشت على آلاف القراء، فتساهلوا في ذلك الحكم الشرعي، ونقلوا هم بدورهم تلك الشبهة إلى آلاف آخرين،فيأتي ذلك الكاتب يوم القيامة يجرجر في صحيفته خطايا آلاف وآلاف من الناس لا يعرفهم!!
وكم من منتسب للمشيخة مكّنه التغريبيون من فضائياتهم، ليوفر لهم لغة شرعية مشحونة بمضامين غير شرعية، فانخدع به ملايين من العامة، وثقوا في لحيته وعباءته ولحنه بألفاظ تشبه ألفاظ المشايخ، فصار يدفع باتجاه توهين التدين في نفوس الناس، وأوقعهم في شذوذات فقهية وشبهات عقدية كانوا في سلامةٍ منها!!
وقد يظن بعض الناس أن ازدياد عدد المشاهدين لهذا المتصدر يدل على الإنجاز، بل ترى بعضهم يقول: هذا الرجل يسمع له ويشاهده كذا من الناس! ولا يعلم هذا المسكين أن زيادة الأرقام تعني زيادة عدد الضحايا، لا يعلم أن زيادة الأرقام تعني زيادة أوزار المضلَّلين التي ربما يحملها يوم القيامة
والله إن الإنسان إذا جلس مع نفسه، وأخذ يتذكر خطاياه، أدرك أنها كافية أن توبق مستقبله الأخروي، فكيف إذا انضم إلى ذلك أن يحمل فوق ظهره معاصي أشخاص آخرين لا يعرفهم
والله إن الغبن كل الغبن أن يرى المرء نفسه يوم القيامة يصطلي بنار جهنم لا لمعصية فعلها هو، وإنما يعاقب على معصية فعلها غيره!
إنها مجرد كلمة متهورة في حكم شرعي، استحسنها المرء بذوقه، وغفل عن تبعاتها المفتوحة إذا كان الأمر بمثل هذه الخطورة فكيف غفلنا عنه؟! إنه الرين الذي غلف القلوب حتى غفلت عن فظائع وأهوال هي أقرب للمرء من شراك نعله
فياليتنا إذا أثيرت في مجلس من المجالس مسألة شرعية أن نتلوا في أنفسنا قوله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ}
وقول الله سبحانه: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}
فيا ليتنا نسلم من معاصينا، فضلاً عن أن نسلم من معاصي الآخرين!
فيا ليتنا نسلم من معاصينا، فضلاً عن أن نسلم من معاصي الآخرين!
=========
فضيلة الشيخ إبراهيم السكران حفظه الله
من كتاب رقائق القرآن