كيف نجمع بين حديث: لا وصية لوارث, مع الأمر بها للوالدين والأقربين في القرآن؟

الحمد لله
كانت الوصية للأقارب واجبة، من غير تحديد ، ثم إن الله عز وجل قسم لكل ذي حق نصيبه المحدد في آية المواريث
قال تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة/180
فلما نزلت آيات المواريث في سورة النساء ، وأُعطي كلُّ ذي حق حقه ، زال وجوب الإيصاء إلى الوالدين والأقربين الوارثين ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :
 ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ )[1]   
 
 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ  ( كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَجَعَلَ لِلْأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ) [2]
 
فآيات المواريث نقلت الورثة من واجب مطلق غير محدد ، إلى واجب وحق محدد معلوم ؛ قطعا للنزاع ، وحفظا لحقوق الورثة ، وجمعا للكلمة  
وجاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تأكيدا لهذا المعنى المُضمّن في آيات المواريث 
 فأي تعارض في هذا ؟!
 
إذا سلمنا جدلا بأن تخصيص عموم الآية في إيجاب الوصية للوالدين والأقربين، لم يكن بآية المواريث ، بل بقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا وصية لوراث) ، فما وجه التشكيك في ذلك إذا كان الحديث صحيحا وثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم !
 
فكما أن القرآن وحي صادق من رب العالمين ، يصدر الناس عنه ، ويلتزمون أحكامه ؛ فكذلك : سنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه : هي ـ أيضا ـ وحي من الله إليه ، يبلغه لعباده ؛ والله عز وجل يقول  ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم/3- 4
 
والسنة مبينة لما أُجْمِل في كتاب الله ، تخصص عمومه ، وتقيِّدُ مطلقه ، وتبين الناسخ من المنسوخ فيه ، حتى قال إمام التابعين مكحول رحمه الله : 
 " القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن "
 " انتهى. " الكفاية " (ص/30)
 
**************
مختصر من موقع الإسلام سؤال وجواب 
--------------------
[1] رواه أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود 
[2] أخرجه البخاري (2747)

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر