تفسير: حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت

الحمد لله
هذه الآية جزء من آية كريمة ذكرها الله عز وجل في سورة يونس في قوله: 
 ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
 
 ففي هذه الآية الكريمة يضرب الله المثل، مثل الدنيا وما فيها من الزخارف والزهوة والزينة وغيرها، يضربه الله بماء أنزله من السماء إلى أرض يابسة هامدة، فاختلط به نبات الأرض، أي: أنبتت هذه الأرض من كل زوج بهيج، ومن كل صنف، واختلط النبات بعضه ببعض لوفرته ونموه، ﴿مما يأكل الناس والأنعام﴾ أي: من طعام الآدميين، وطعام البهائم،حتى أصبحت بهجة للناظرين 
 
 ولما أخذت الأرض زخرفها، وطابت ثمارها، ونضجت، وظن أهلها أنهم قادرون عليها، وأنهم سوف يجنونها عن قرب، وبكل سهولة، أتاها أمر الله تعالى إما ليلاً وإما نهاراً، رياح عاصفة، أو ثلوج، أو صواعق، أو غير ذلك مما أهلكها ودمرها، فكانت حصيدا كأن لم تغن بالأمس، أي: كأن لم تكن موجودة على ذلك الوجه البهيج الذي يسر الناظر، أصبحت حصيداً هامداً 
 
 هكذا الحياة الدنيا، تزهو لصاحبها، وتتطور، ويصبح صاحبها كأنه لن يموت، كأنه سيبقى فيها لما حصل له من الغرور في هذه الدنيا، ثم بعد ذلك يفجأه الموت، فإذا هو ذاهب، وإذا المال مبعثر في الورثة، وكل ما كان كأن لم يكن، والله عز وجل إنما ضرب هذا المثل لئلا نغتر بالدنيا، لأجل أن نحترز منها ومن غرورها، وألا نقدمها على الآخرة، لأنها فانية زائلة، لا خير فيها إلا ما كان عوناً على طاعة الله سبحانه وتعالى
 
^^^^^^^^^^^^
 سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر