بعد أداء الحج هل يضمن المسلم غفران ذنوبه أم يبقى خائفاً قلقاً ؟

الحمد لله
أولاً:عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول 
 ( مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ )[1] 
وقال بعض أهل العلم إن الحج المبرور هو المقبول وعلامة قبوله أن لا يعاود العبد معصية ربه تعالى ، وأن يرجع الحقوق إلى أهلها .وانظر جواب السؤال رقم ( 26242 )
الثاني : أن الحج لا يسقط الحقوق الواجبة كالكفارات والديون ، كما سبق بيانه في جواب السؤال (
138630 )
 
ثانياً:المسلم الذي يكرمه ربه تعالى بأداء مناسك الحج ينبغي أن يكون خائفاً أن لا يكون قد قُبِل منه عمله ، وليس هذا من أجل أن يصير قانطاً من رحمة ربِّه تعالى بل حتى لا يصيبه الغرور ، وحتى يُقبل على ربِّه عز وجل بدعاء صادق أن يتقبل منه ويقبل عليه بعمل صالح يزيد في ميزانه يوم يلقى ربَّه تعالى 
 
 قال الله سبحانه وتعالى – في وصف المؤمنين – 
 ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ . أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) المؤمنون/60-61.
عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ )  قَالَتْ عَائِشَةُ : أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ ؟ قَالَ : لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ) .[2]  
 
فهذا الخوف من أولئك المؤمنين لم يجعلهم في قنوط من رحمة ربهم ، بل لقد جمعوا معه الرجاء بربهم وحسن الظن به عز وجل أن يثيبهم وأن يُكرمهم ، وإنما دفع أولئك الأولياء المؤمنين للخوف من عدم قبول أعمالهم أمران : سوء ظنهم بأنفسهم أن لا يكونوا أحسنوا العمل ، وعظيم محبتهم لربهم عز وجل 
 
والخلاصة :
أن الواجب عليك أن تجمع بين الأمرين ، لا تترك واحدا منهم :
الأول : ألا تستعظم ذنوبك في مقابل مغفرة الله تعالى ورحمته ، وإنما خوف المؤمن من تقصيره في التوبة وتقصيره في الطاعة التي تكفر الذنوب ، فاجعل خوفك هذا دافعاً لك للمزيد من الطاعات ولسؤال الله عز وجل بصدق أن يتقبل منك ويجعلك من المقربين ، واحذر أشد الحذر من القنوط من رحمة ربك عز وجل. 

الثاني : حسن الظن بالله جل جلاله ، والطمع في عفوه ومنه وكرمه ورحمته التي وسعت كل شيء ؛ فما دمت على استقامة من أمر ربك ، وتعظيم لشرعه ، ومسارعة في طاعته : فليكن مع ذلك دوماً حسن الظن به عز وجل أن يتقبلها منك ويثيبك عليها. 
 
=======
مختصر من فتاوى الإسلام سؤال وجواب
---------
[1] رواه البخاري ( 1449 ) ومسلم ( 1350 ) 
[2] رواه الترمذي ( 3175 ) وابن ماجه ( 4198 ) 
 وصححه الألباني في " صحيح الترمذي "

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر