الجمع بين آيتين ظاهرهما التعارض
السؤال:ما معنى هاتين الآيتين، وهل بينهما تعارض: الآية الأولى من سورة السجدة:{ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون}، والآية الثانية من سورة المعارج:{ تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة}؟
الحمد لله
قبل الإجابة عن هذا السؤال أود أن أبين أنه ليس في كتاب الله ولا فيما صح عن رسول صلى الله عليه وسلم تعارض أبداً، وإنما يكون التعارض فيما يبدو للإنسان ويظهر له إما لقصور في فهمه أو لنقص في علمه، ولا تتهم كتاب الله عز وجل وما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم بتعارض وتناقض أبداً. وبعد هذه المقدمة أقول:
إن الآيتين اللتين أوردهما السائل في سؤاله الجمع بينهما :
أن آية السجدة في الدنيا، فإنه سبحانه وتعالى يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، ثم يعرج إليه في يوم كان مقدار هذا اليوم الذي يعرج إليه الأمر مقداره ألف سنة مما نعد، لكنه يكون في يوم واحد، ولو كان بحسب ما نعد من السنين لكان عن ألف سنة.
وأما الآية التي في سورة المعارج فإن ذلك يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح﴾ وقالوا (تعرج الملائكة والروح إليه) هذه لقوله (المعارج)، وقوله (في يوم) ليس متعلقاً بقوله تعالى (الملائكة والروح إليه) لكنه متعلق بما قبل ذلك. وقوله (بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله) بعذاب واقع للكافرين في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فيكون هذا العذاب الذي يقع للكافرين في هذا اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة. وقوله (ليس له دافع من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه) هي جملة معتبرة، وبهذا تكون آية المعارج في يوم القيامة.
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة في قصة مانع الزكاة أنه يحمى عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. فتبين بهذا أنه ليس بين الآيتين شيء من التعارض لاختلاف محلهما، والله أعلم.
^^^^^^^^^
مختصر من فتاوى سماح الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله