قوله تعالى :فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم

بسم الله الرحمن الرحيم
( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65)
 
( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) أي يجعلونك حكماً فيما حصل    بينهم من النزاع ؛ لأن معنى ( شجر ) أي حصل من النزاع ( حَتَّى يُحَكِّمُوكَ ) يجعلوك أنت الحكم فيما حصل بينهم من النزاع ، في أمور الدين ، وفي أمور الدنيا 

ففي أمور الدين : لو تنازع رجلان في حكم مسألة شرعية ؛ فقال أحدهما : هي حرام ، وقال الثاني : هي حلال ، فالتحاكم إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ؛ فلا يؤمن أحد منهما ـ أي من المتشاجرين ـ إلا إذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تنازع الناس في أمر دنيوي بينهم ،  المهم أنه لا يؤمن أحد حتى يكون تحاكمه في أمور الدين والدنيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم إن الإيمان المنفي هنا ، إن الإنسان لا يرضى بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم مطلقاً ، فهو نفى للإيمان من أصله، لأن من لا يرضى بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم مطلقاً كافر والعياذ بالله  خارج عن الإسلام، وإن كان عدم الرضا بالحكم في مسألة خاصة ، وعصى فيها  فإنها  إذا لم تكن مكفرة  فإنه لا يكفر

وقوله عز وجل  (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ ) لو قال قائل : كيف يكون تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم  بعد موته ؟ فالجواب أن نقول : يكون تحكيمه بعد موته بتحكيم سنته صلى الله عليه وسلم

فالشيء الأول  ( لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ )

والشيء الثاني  ( ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ) ، يعني أن الإنسان قد يحكم الكتاب والسنة ، ولكن يكون في قلبه حرج ، يعني ما يطمئن أو ما يرضى إلا رغماً عنه، فلابد من أن لا يجد الإنسان في نفسه حرجاً مما قضى الله ورسوله

الشيء الثالث   ( وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) أي ينقادوا انقياداً تاماً ، ليس فيه تأخر ولا تقهقر ، فهذه شروط ثلاثة لا يتم الإيمان إلا بها 
 
***************************          
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى          
 من شرح رياض الصالحين المجلد الثاني باب الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها  

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر