نكاح الشغار ( البدل )
الحمد لله
نكاح الشغار، ويسمى عند بعض الناس: نكاح البدل
وهو نكاح يشترط فيه كل واحد من الوليّين نكاح الأخرى، فيقول أحدهما للآخر: زوّجني وأزوجك؛ زوجني بنتك وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي،أو ما أشبه ذلك، هذا هو الشغار
قالوا: سمي شغاراً من الخلو؛ لأنه في الغالب لا يهمهم المهر، وإنما يهمهم الاتفاق على هذا العمل وبكل حال فهو منكر وفاسد، وإن سمي فيه مهر؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه نهى عن الشغار)) في حديث ابن عمر، ومن حديث جابر رضي الله عنه ومن حديث معاوية، ومن أحاديث أخرى في النهي عن الشغار
وبعض الفقهاء رحمة الله عليهم قالوا: إنه لا يكون شغاراً إلا إذا خلا من المهر، أما إذا كان فيه المهر كاملاً فليس فيه حيلة، والمهر كاملاً لهذه ولهذه، فإنه لا يكون شغاراً)
وهذا قول ضعيف ومرجوح، والصواب: أنه يكون شغاراً مطلقاً -إذا كان فيه الشغر- لظاهر الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام
لأنه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: والشغار(( أن يقول الرجل : زوجني أختك وأزوجك أختي , أو زوجني بنتك وأزوجك بنتي )) [1]
ولم يقل وليس بينهما صداق، بل أطلق
ولما ثبت في المسند وسنن أبي داود بسند صحيح، عن معاوية رضي الله عنه أنه رفع إليه أمير المدينة: أن شخصين تزوجا شغاراً، وقد سميا مهراً، فكتب معاوية رضي الله عنه إلى أمير المدينة أن يفرق بينهما، وقال: هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام مع أنهما قد سميا مهراً
فدل ذلك، على أن الشغار هو ما فيه مشارطة - سواء سمي فيه المهر أم لم يسم فيه المهر والحكمة في ذلك -والله أعلم- أنه وسيلة لظلم النساء، وإجبارهن على أزواج لا ترضاهم النساء، وسبب - أيضاً - لعدم المبالاة بمهورهن، وسبب - أيضاً - للنزاع المتواصل والخصومات الكثيرة
فمن رحمة الله أن حرَّم الله ذلك؛ حتى لا يجبر النساء بغير حق، وحتى لا يظلمن، وحتى يسد باب النزاع والخصومات، فإنَّ الذين فعلوا هذا وقد جربوا ما فيه من الشر، فإنه تكثر بينهم النزاعات والخصومات، وإذا جرى بين هذا وزوجته شيء، وخرجت لعلة، خرجت الأخرى، أو طلب وليها بإخراجها حتى تعود هذه
ومن أجل هذا حرم الله الشغار، ونهى عنه نبيه عليه الصلاة والسلام؛ حتى لا تظلم النساء، وحتى لا يتخذ تزويجهن للهوى والظلم، وإرضاء الأولياء، وتحصيل مقاصدهم وأهواءهم، بل على الولي أن يطلب لها الزوج المناسب –الزوج الشرعي–، ولا يعلق ذلك بأن يزوج ابن هذا أو أخ هذا أو عم هذا، وما أشبه ذلك
ونسأل الله للجميع الهداية والعافية
***************
سماحة الشيخ العلامة بن باز رحمه الله تعالى
----------------
[1] أخرجه مسلم في صحيحه برقم: (1416)، 2/ 1035