التوبة من المال المسروق لا تكون إلا برده لصاحبه أو ورثته بعد موته
الحمد لله
يشترط لصحة التوبة فيما يتعلق بحقوق العباد : رد المظالم أو التحلل منها
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) [1]
وعليه فيلزم أن يرد المال إلى المسروق منه ، أو إلى ورثته في حال موته ، فإن تعذرت معرفته أو الوصول إليه ، فإنه يتصدق بالمال عنه ، على أنه متى جاء يوما من الدهر خيّر بين إمضاء الصدقة ، أو إعطائه المال
وإذا جهلت قدر المال المسروق ، فإنه يرد ما يغلب على ظنه أنه يبرأ به ، فيقدر المبلغ تقديرا ، ويحتاط لنفسه حتى يغلب على ظنه أن ذمته قد برأت.
فإن طال عليه الزمان ، وشق عليه التحري : أخرج نصف ما بيده من المال ، خاصة إذا كان يغلب على ظنه أن الأمر قريب من ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْمَالَ نِصْفَيْنِ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ نِصْفَهُ وَالنِّصْفُ الثَّانِي يُوَصِّلُهُ إلَى أَصْحَابِهِ إنْ عَرَفَهُمْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ[2]
وما عجز عن رده الآن ، فهو دين عليه ، لا تبرأ ذمته إلا بدفعه ، والواجب عليه حينئذ أن يثبته في وصية له ، خشية أن يفاجئه الموت قبل سداده
وليعلم أن التائب الصادق إن عزم على رد المال لأهله ، ثم فاجأه الموت ، فإنه يرجى من الله تعالى أن يعفو ويتجاوز عنه وأن يرضي عنه أصحاب الأموال يوم القيامة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ )[3]
وإذا سرق الإنسان مال غيره ، وشق عليه أن يخبره بذلك ، أو خشي زيادة المفسدة بإخباره ، كأن تحصل القطيعة بينهما ، فلا يلزمه إخباره ، بل يرد المال إليه بأي طريق ممكن ، كأن يدخله في حسابه ، أو يعطيه لمن يوصله إليه.
وإن كان معسراً نوى الضمان إذا قدر ، فإن مات قبل القدرة فالمرجوّ من فضل الله تعالى المغفرة
روضة الطالبين (11/246).[من الفتوى رقم 43017 ]
=============
مختصر من فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب
------------------
[1] رواه البخاري(2449)
[2] "انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/328)
[3] رواه البخاري (2387)