كيف تعرف الأحاديث المنسوخة من الناسخة ؟

الحمد لله
النسخ : أن يرفع الشارع حكما سابقا متقدما ، بحكم آخر ـ من الشارع أيضا ـ لكنه متأخر عن الحكم الأول ، لاحق له 

والنسخ يعرف بأمور:
الأول : أن ينص الشارع على النسخ
الثاني: أن ينص الصحابي على ذلك
الثالث : أن تجمع الأمة على أن الحديث منسوخ
الرابع : أن يتعارض حديثان، ولا يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه، ويعرف المتقدم منهما من المتأخر، فيكون المتقدم منسوخا

ثم النسخ يعرف بأمور منها:
تصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم به ، كـ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) 
 ومنها قول الصحابى ( كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار )

ومنها ما يعرف بالتاريخ ومنها ما يعرف بالإجماع ، كقتل شارب الخمر في المرة الرابعة ؛ فإنه منسوخ ، عرف نسخه بالإجماع والإجماع لا يَنسخ ، ولا يُنسخ ، لكن يدل على وجود ناسخ

وأما اذا تعارض حديثان في الظاهر ، فلا بد من الجمع بينهما ، أو ترجيح أحدهما
وإنما يقوم بذلك غالبا الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه ، والأصوليون المتمكنون في ذلك ، الغائصون على المعاني الدقيقة ، الرائضون أنفسهم في ذلك، فمن كان بهذه الصفة ، لم يُشكِل عليه شيء من ذلك ، إلا النادر ، في بعض الأحيان

ثم المختلف قسمان: أحدهما: 
يمكن الجمع بينهما، فيتعيّن، ويجب العمل بالحديثين جميعا
ومهما أمكن حمل كلام الشارع على وجه يكون أعم للفائدة : تعيّن المصير إليه ولا يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع لأن في النسخ إخراج أحد الحديثين عن كونه مما يعمل به

ومثال الجمع حديث ( لا عدوى ) مع حديث ( لا يورِد مُمْرِض على مُصِحّ )
وجه الجمع : أن الأمراض لا تُعدِي بطبعها ، ولكن جعل الله سبحانه وتعالى مخالطتها سببا للإعداء، فنفى في الحديث الأول ما يعتقده أهل الجاهلية من العدوى بطبعها، وأرشد في الثاني إلى مجانبة ما يحصل عنده الضرر عادة ، بقضاء الله وقدره وفعله

القسم الثاني: أن يتضادا ، بحيث لا يمكن الجمع بوجه :
فإن علمنا أحدهما ناسخا : قدمناه .
وإلا ؛ عملنا بالراجح منهما، كالترجيح بكثرة الرواة ، وصفاتهم
 
وقال الحازمي رحمه الله فيما يعرف به الناسخ والمنسوخ:
"ويعرف ذلك بأمارات عدة :
منها : أن يكون لفظ النبي صلى الله عليه وسلم مصرحا به ؛ نحو قوله عليه السلام : 
 ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور ؛ ألا فزوروها )
أو يكون لفظ الصحابي ناطقا به ، نحو حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه : 
 ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالقيام في الجنازة ، ثم جلس بعد ذلك ، وأمرنا بالجلوس )

ومنها : أن يكون التاريخ معلوما ؛ نحو ما رواه أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله إذا جامع أحدنا ، فأكسل [أي لم ينزل] ؟ فقال النبي : 
( يغسل ما مس المرأة منه ، وليتوضأ ثم ليصل )
هذا حديث يدل على أن لا غسل مع الإكسال ، وأن موجب الغسل الإنزال
ثم لما استقرأنا طرق هذا الحديث ، أفادنا بعض الطرق أن شرعية هذا كان في مبدأ الإسلام ، واستمر ذلك إلى بعد الهجرة بزمان
ثم وجدنا الزهري قد سأل عروة عن ذلك ، فأجابه عروة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالغسل

ومنها : أن تجتمع الأمة في حكمه على أنه منسوخ ، فهذه معظم أمارات النسخ...
وإن لم يمكن التمييز بينهما ، بأن أُبهم التاريخ ، وليس في اللفظ ما يدل عليه ، وتعذر الجمع بينهما ، فحينئذ يتعين المصير إلى الترجيح 
 
وبهذا يتبين لك أن الأمر ليس مشكلا، فأكثر الأحاديث الثابتة ليست منسوخة ، ولا يتطرق النسخ إلا للأحاديث المتعارضة التي لا يمكن الجمع بينها،ولم يترك فقهاء الحديث ، وشرّاح السنة ، شيئا من ذلك إلا بينوه ، ولله الحمد والمنة
وانظر للفائدة: السؤال رقم : (
228722) ، ورقم: (147416) .والله أعلم. 
 
===============
مختصر من فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

تليين القلب الحجر