ليس هناك تعارض بين نفي الإكراه في الدين ، والأمر بقتال المشركين
س: يقول القرآن في سورة " البقرة " ( لا إكراه في الدين ) ، ثم نجد في غير ما موضع آخر أنه يحث إتباعه المسلمين على قتل المشركين ( اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ؟
ليس هناك ـ بحمد الله ـ تعارض بين نفي الإكراه في الدين ، والأمر بقتال المشركين ؛ فليس الأمر بقتال المشركين لأجل إكراههم على الدخول في الدين ، وإلا لكان أكره اليهود والنصارى وغيرهم على الدخول في دين الإسلام ، حينما تغلب عليهم ، وخضعوا لسلطانه ، ومن المعلوم لكل من عرف شيئا عن تاريخ الإسلام أن هذا لم يحدث ؛ فقد ظل اليهود والنصارى يعيشون تحت سلطان الدولة الإسلامية ، ويتمتعون بحريتهم الدينية فيها
وإنما المراد بالقتال أمران :
الأول : قتال من يريد مهاجمة المسلمين في بلدانهم ، وبسط نفوذ الكفر وأهله على بلاد المسلمين ، وهذا جهاد الدفع عن ديار الإسلام . وهذا موجود في كل دولة عرفها التاريخ ، أيا كان ملتها ، وإلا لما كانت دولة أصلا ، ولا سلطان
والثاني : قتال من صد الناس عن دين الله ، ومنع المسلمين من الدعوة إلى دين ربهم ، ونشر نوره ليراه من طلب الهداية من البشر ، أو منع غير المسلمين من التعرف على هذا الدين ، أو الدخول فيه إذا رغبوه . وهذا جهاد الطلب ، وكلاهما جهاد مشروع
قال ابن العربي المالكي – رحمه الله - :
" قوله تعالى ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) عامٌّ في كل مشرك ، مَن كان محارباً أو مستعدّاً للحرابة والإذاية ، وتبيَّن أن المراد بالآية :
"اقتلوا المشركين الذين يحاربونكم " .
انتهى من " أحكام القرآن " ( 4 / 177 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
" وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وُيُؤتُوا الزَّكَاة ) مراده : قتال المحاربين الذين أذن الله في قتالهم ، لم يُرد قتال المعاهَدين الذين أمر الله بوفاء عهدهم "
انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 19 / 20 )
وقال – رحمه الله – أيضاً - :
" القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله ، كما قال الله تعالى
( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) البقرة/ 190
انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 28 / 354 )
==============
مختصر من فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب