هل يجوز أن ننوي أكثر من عبادة في واحدة

الحمد لله
هذه القاعدة مهمة وهي: هل تتداخل العبادات ؟ 
 فنقول: إذا كانت العبادة تبعاً لعبادة أخرى فإنه لا تداخل بينهما، هذه قاعدة، مثال ذلك: صلاة الفجر ركعتان، وسنتها ركعتان، وهذه السنة مستقلة، لكنها تابعة، يعني هي راتبة للفجر مكملة لها، فلا تقوم السنة مقام صلاة الفجر، ولا صلاة الفجر مقام السنة؛ لأن الراتبة تبعاً للفريضة، فإذا كانت العبادة تبعاً لغيرها، فإنه لا تقوم مقامها، لا التابع ولا الأصل

مثال آخر: الجمعة لها راتبة بعدها، فهل يقتصر الإنسان على صلاة الجمعة ليستغني بها عن الراتبة التي بعدها ؟ الجواب: لا؛ لماذا ؟ لأن سنة الجمعة تابعة لها

مثال آخر: بعد العشاء سنة راتبة، وبعد السنة وتر، والوتر يجوز أن نصلي الثلاث بتسليمتين، فيصلي ركعتين ثم يصلي الوتر، فلو قال: أنا أريد أن أجعل راتبة العشاء عن الشفع والوتر وعن راتبة العشاء! فهذا لا يجوز؛ لأن كل عبادة مستقلة عن الأخرى، ومقصوده بذاتها فلا يصح

 إذا كانت إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها، وإنما المقصود فعل هذا النوع من العبادة فهنا يكتفى بإحداهما عن الأخرى، لكن يكتفى بالأصل عن الفرع، مثال ذلك: 
رجل دخل المسجد قبل أن يصلي الفجر وبعد الأذان، فهنا مطالب بأمرين: تحية المسجد، وسنة الفجر، فلو صلى الراتبة فتكفي عن تحية المسجد؛ لأن تحية المسجد غير مقصودة بذاتها، فالمقصود أن لا تجلس حتى تصلي ركعتين، فإذا صليت راتبة الفجر، صدق عليك أنك لم تجلس حتى صليت ركعتين، وحصل المقصود فإن نويت الفرع، يعني نويت التحية دون الراتبة لم تجزئ عن الراتبة؛ لأن الراتبة مقصودة لذاتها، والتحية ليست مقصودة لذاتها

مثال آخر: رجل اغتسل يوم الجمعة من الجنابة؛ فهل يجزئه عن غسل الجمعة ؟
إذا نوى بغسله الجنابة غسل الجمعة يحصل له؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: وإنما لكُلِّ امرئٍ ما نَوَى ؛ لكن إذا نوى غسل الجنابة فهل يجزئ عن غسل الجمعة ؟ ننظر هل غسل الجمعة مقصود لذاته، أو المقصود أن يتطهر الإنسان لهذا اليوم ؟ المقصود الطهارة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُم هذا ؛ إذن المقصود من هذا الغسل: أن يكون الإنسان نظيفاً يوم الجمعة، وهذا يحصل بغسل الجنابة، وبناء على ذلك لو اغتسل الإنسان من الجنابة يوم الجمعة أجزأه عن غسل الجمعة، وإن كان لم ينو، فإن نوى فالأمر واضح
 
=======
 سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر