معنى فتنة المحيا والممات
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع :
من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال )[1]
من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال )[1]
قوله: «ومن فتنة المحيا والممات» معطوفة على «من عذاب جهنم» والمراد بالفتنة اختبار المرء في دينه؛ في حياته وبعد مماته، وفتنة الحياة عظيمة وشديدة، وقلَّ من يتخلَّص منها إلا مَنْ شاء الله، وهي تدور على شيئين
1 ـ شُبُهات 2ـ شهوات
أما الشُّبُهات فتعرض للإنسان في عِلْمِهِ، فيلتبس عليه الحقُّ بالباطل، فيرى الباطل حقًّا، والحقَّ باطلاً، وإذا رأى الحقَّ باطلاً تجنَّبه، وإذا رأى الباطلَ حقاً فَعَلَهُ، وأمَّا الشَّهوات فتعرض للإنسان في إرادته، فيريد بشهواته ما كان محرَّماً عليه، وهذه فتنة عظيمة
وأما فتنة الممات فاختلف فيها العلماءُ على قولين
القول الأول:
إن فتنة الممات سؤال الملكين للميِّت في قَبْرِه عن ربِّه، ودينه ونبيِّه؛ لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم «إنه أُوحِيَ إلي أنكم تُفتنون في قبوركم مثل أو قريباً من فتنة المسيح الدَّجَّال»[2]
فأمَّا مَنْ كان إيمانُه خالصاً فهذا يسهل عليه الجواب
إن فتنة الممات سؤال الملكين للميِّت في قَبْرِه عن ربِّه، ودينه ونبيِّه؛ لقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم «إنه أُوحِيَ إلي أنكم تُفتنون في قبوركم مثل أو قريباً من فتنة المسيح الدَّجَّال»[2]
فأمَّا مَنْ كان إيمانُه خالصاً فهذا يسهل عليه الجواب
فإذا سُئل: مَنْ ربُّك؟ قال: ربِّي الله
مَنْ نبيُّك؟ قال: نبيِّي محمَّد
ما دينك؟ قال: ديني الإسلام. بكلِّ سُهولة
وأما غيره ـ والعياذ بالله ـ فإذا سُئل قال: هاه... هاه... لا أدري؛ سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته
وتأمل قوله: «هاه... هاه...» كأنه كان يعلم شيئاً فنسيه، وما أشدَّ الحسرة في شيء علمتَه ثم نسيتَه؛ لأن الجاهل لم يكسب شيئاً، لكن النَّاسي كسب الشيء فخسره
فهذه فتنة عظيمة؛ أسألُ الله أن ينجِّيني وإيَّاكم منها، وهي في الحقيقة تدور على ما في القلب، فإذا كان القلب مؤمناً حقيقة يرى أمور الغيب كرأي العين، فهذا يجيب بكلِّ سُهولة، وإن كان الأمر بالعكس فالأمر بالعكس
القول الثاني:
المراد بفتنة الممات: ما يكون عند الموت في آخر الحياة، فهي فِتنة ممات؛ لأنها قُرب الممات، وخصَّها بالذِّكر؛ لأنها أشدُّ ما يكون ,وذلك لأن الإنسان عند موته ووداع العمل صائر إما إلى سعادة، وإما إلى شقاوة، فالفتنة عظيمة
المراد بفتنة الممات: ما يكون عند الموت في آخر الحياة، فهي فِتنة ممات؛ لأنها قُرب الممات، وخصَّها بالذِّكر؛ لأنها أشدُّ ما يكون ,وذلك لأن الإنسان عند موته ووداع العمل صائر إما إلى سعادة، وإما إلى شقاوة، فالفتنة عظيمة
وأشدُّ ما يكون الشيطانُ حرصاً على إغواء بني آدم في تلك اللحظة، والمعصومُ مَنْ عَصَمَه الله، يأتي إليه في هذه الحال الحرجةِ التي لا يتصوَّرها إلا من وقع فيها حال حرجة عظيمة، الإنسانُ فيها ضعيفُ النَّفْسِ، ضعيفُ الإِرادة، ضعيفُ القوَّة، ضيقُ الصَّدر
فيأتيه الشيطانُ ليغويه؛ لأن هذا وقت المغنم للشيطان، حتى إنه كما قال أهل العلم: قد يعرضُ للإِنسان الأديان اليهودية، والنصرانية، والإسلامية بصورة أبويه، فيعرضان عليه اليهودية والنصرانية والإسلامية، ويُشيران عليه باليهودية أو بالنصرانية، والشيطان يتمثَّلُ كُلَّ واحد إلا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم، وهذه أعظم الفِتَنِ
ولكن هذا والحمد لله لا يكون لكلِّ أحد، كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , وحتى لو كان الإنسان لا يتمكَّن الشيطان من أن يَصِلَ إلى هذه الدرجة معه، لكن مع ذلك يُخشى عليه منه , فما دامت الرُّوح في البدن فكلُّ شيء وارد ومحتمل وفي هذه الحال فتنة عظيمة جدًّا، ولهذا نصَّ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم عليها قال: «مِن فِتنة المحيا والممات»
============
سماحة الشيخ العلامة العثيمين رحمه الله تعالى
مختصر من الشرح الممتع على زاد المستقنع , باب صفة الصلاة
----------------------
[1] رواه البخاري ( 1311 ) ومسلم ( 588 )
[1] رواه البخاري ( 1311 ) ومسلم ( 588 )
[2] أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس (86)؛ ومسلم، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار (905) (11)