كيف يعالج المؤمن الوساوس الشيطانية

الحمد لله  
قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس57]  
 فبين سبحانه وتعالى أن هذا القرآن شفاء لما في الصدور من وساوس الشيطان وما يتولد عنها من شكوك وأوهام وخيالات وشهوات
 
ومن هذا الشفاء أن بين لنا سبحانه عداوة الشيطان وما يريده بنا وما يريده منّا 
 (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر6] 

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [النور21] 
 
 وكل ما يقع في القلب مما يعارض الحق أو يشكك فيه، أو يزين المعصية، فمن وساوس الشيطان
 
ومن شفاء القرآن لما في الصدور من الوساوس الاستعاذة بالله واللجأ إليه سبحانه، ودعاؤه بطلب العصمة من شر الشيطان، قال تعالى (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُو السَمِيع العَلِيم) [فصلت36]، ونزغ الشيطان يكون بتزيين الباطل وتكريه الحق
 
 فمن وفقه الله لجأ إليه سبحانه، واحتمى بحماه من شر هذا العدو، والله تعالى سميع الدعاء، قريب مجيب، يجيب دعوة الداع إذا دعاه، وهو العليم بأحوال عباده، وبما في نفوسهم، (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [آل عمران119]، وقد ذكر الله عبده المستعيذ به بهذين الاسمين: السميع، العليم، ليقوى رجاؤه لربه في حصول ما يرجوه من العصمة والسلامة من نزغات الشيطان

وأنفع التعويذات من الشيطان (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ..) إلى آخر السورة 
 ومن رحمة الله بعبده المؤمن وتيسيره أنه لا يؤاخذه ولا يحاسبه على الخواطر السيئة والوساوس، وإن كانت من أقبح الوساوس، ما دام المؤمن لا يصدقها، بل يبغضها ويكرهها 
 
وقد أرشد صلى الله عليه وسلم من ابتلي بهذه الوساوس أن يستعيذ بالله ويعرض عن التفكير في ما يلقيه الشيطان، قال صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته"  [1]
 أي ليقطع التفكير ويعرض 
 
 وجاء في رواية: "فليقل: آمنت بالله وبرسله" [2]
 فهذا علاج نبوي شاف بإذن الله

واحذر من طاعة الشيطان وتصديقه، فإن الشيطان إذا وجد من الإنسان استجابة طمع فيه وزاد في الوسوسة والتخويف حتى يقنطه من رحمة الله، أما إذا استعاذ المسلم بالله من شر الشيطان، ولم يلتفت لوساوسه ولم يصدقه فإنه ييأس منه ويكف شره

===========
من فتاوى سماحة الشيخ العلامة عبد الرحمن البراك
-----------------
[1] متفق عليه البخاري ( 3102)، ومسلم (134=214)
[2] مسند أحمد 2/331 (8358)، وهو عند مسلم بدون: "وبرسله" (134=212)


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

تليين القلب الحجر

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف