الحروف في أوائل السور ما معناها؟
الحمد لله
هذه الحروف في أوائل السور تُسمَّى الحروف المقطعة، والراجح في معناها أنها للإشارة إلى أن هذا القرآن كلماته متألفة من جنس هذه الأحرف، وإذا كان كذلك وهذه الأحرف هي التي يتكلم العرب بها ويؤلفون بها كلامهم، فإن ذلك يدل على أن القرآن مُعْجِز، فكأن الله سبحانه وتعالى يقول للناس: هذا القرآن مُكَوَّن من هذه الأحرف التي تتكلمون بها وتُنْشِئون بها كلامَكم، وليس من أحرف أُخَر، ومع هذا أنتم لا تستطيعون أن تأتوا بمثله ولا بمثل سورة منه
وهذا يدل على عظم الإعجاز، فتجد أن معظم السور التي في أولها الأحرف المقطعة يعقبها ذكر القرآن أو الكتاب
قال جل وعلا: ﴿ الم * ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ ﴾
وقال تبارك وتعالى: ﴿ الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ ﴾
وقال جل من قائل: ﴿ المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ ﴾
وقال سبحانه وتعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾
وقال أيضا عز وجل: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ الحَكِيمِ ﴾
وقال: ﴿ الم * تَنزِيلُ الكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ العَالَمِينَ ﴾
وقال أيضا: ﴿ حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
وقال: ﴿ ق وَالْقُرْآنِ المَجِيدِ ﴾
ولا يوجد في السلف من يقول: لا نعلم معناها. فمن يقول: الله أعلم بمعناها. بمعنى: لا يعلم أحد معناها. فلا.
ومن الأمور التي يشيع فيها الخطأ أن يقال: إن الأحرف المقطعة من المتشابه. هذا من قول الأشاعرة، ويريدون بقولهم: إنها من المتشابه. يعني لا أحد يعلم معناها. وهذا غير صحيح، فليس عندنا شيء في القرآن ولا في السنة لا أحد يعلم معناه، بل لا بد أن يكون هناك طائفة تعلم معناه ؛ لأن العلم بمعاني الكتاب والسنة محفوظ بحفظ الكتاب والسنة
فلا يجوز أن نقول: إن الأحرف المقطعة ليس لها معنى ؛ لأن الله -جل وعلا- أنزل القرآن وأمر بتدبره فقال: ﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ ﴾. ولم يستثن الله -جل وعلا- آية ولا كلمة من القرآن من الأمر بالتدبر، ويدخل في ذلك الحروف المقطعة، وهذا يُبَيِّن لك أن القول الظاهر الصحيح الثابت هو أن الأحرف المقطعة لها معنى على نحو ما أوضحنا لك
===========
سماحة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
مختصر من أسئلة في لمعة الاعتقاد