حكم مطالعة كتب أهل الكتاب

الحمد لله
التوراة والإنجيل هما في الأصل من عند الله تعالى،ويجب علينا أن نؤمن بهما لقوله تعالى:
( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة / 136 
لكن لَحِق التوراة والإنجيل التحريف والتبديل ، قال الله تعالى : 
( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ ) البقرة / 79 .
وبسبب هذا التحريف واختلاط الحق بالباطل فيهما ؛ جاء النهي عن مطالعتهما.
 
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ ، فَقَرَأَهُ على النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ وَقَالَ : ( أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا ، مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتْبَعَنِي‏ ) " [1]
 
ثم إن الحق الذي في التوراة والإنجيل يغني عنه ما في القرآن الكريم قال الله تعالى:
( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت / 51 
ثم إن الاشتغال بالتوراة والإنجيل : اشتغال بما لا ينفع المسلم في آخرته
قال القرطبي رحمه الله تعالى :
" وإذا كان لقارئه – أي القرآن - بكلّ حرف عشر حسنات فأكثر فالرّغبة عنه إلى غيره : 
 ضلال وخسران ، وغبن ونقصان " [2]
 
وذهب أهل العلم: إلى أن المطالعين لهذه الكتب - كتب أهل الكتاب - على قسمين :
القسم الأول :
العامي ، ومن ليس له علم ، وكذا ضعيف الإيمان : فينهى عن مطالعتهما حتى لا يفتن بما أدخل فيهما من الباطل ، وحتى لا يشغل نفسه بما لا ينفعه.
القسم الثاني :
الراسخون في العلم الذين يستعملون هذه الكتب في مجادلة أهل الكتاب ، وإقامة الحجة عليهم .
ففي هذه الحالة : خوف الفتنة انتفى ، لأن عند الراسخ في العلم من المقدرة ما يؤهله إلى معرفة الباطل الذي أدخل في هذه الكتب ، والحذر منه ، ورده والتحذير منه أيضا ، مع ما في مجادلته لأهل الكتاب ورد باطلهم من المصلحة الشرعية المطلوب تحصيلها 
 
وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
هل يجوز للمسلم أن يقتني الإنجيل ليعرف كلام الله لرسوله عيسى عليه الصلاة والسلام ؟
فأجاب :" لا يجوز اقتناء شيء من الكتب السابقة من إنجيل أو توراة أو غيرهما لسببين :
السبب الأول : أن كل ما كان نافعا فيها فقد بيَّنه الله - سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم.
السبب الثاني : أن في القرآن ما يغني عن كل هذه الكتب لقوله تعالى: 
 ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) وقوله تعالى: ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ) 
 فإن ما في الكتب السابقة من خير موجود في القرآن
أما قول السائل إنه يريد أن يعرف كلام الله لعبده ورسوله عيسى ,فإن النافع منه لنا : قد قصه الله في القرآن ، فلا حاجة للبحث في غيره وأيضا : فالإنجيل الموجود الآن محرّف ، والدليل على ذلك أنها أربعة أناجيل ، يخالف بعضها بعضا وليست إنجيلا واحدا ، إذن فلا يعتمد عليه[3]
========= 
مختصر من الإسلام سؤال وجواب   
-------
[1] رواه أحمد (14736) ، وحسنه الألباني في " إرواء الغليل " (6/34)
[2] انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (16/378)
[3] انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (1 /32 – 33)

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر