ثلاث مسائل لا يجب فيها استقبال القبلة

الحمد لله 
 استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة لا تصح الصلاة إلا به،لأن الله تعالى أمر به
 قال تعالى: 
﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة:150] ، أي : جهته 

إلا أنه يُستثنى من ذلك ثلاث مسائل:
المسالة الأولى: 
 إذا كان عاجزا كمريض وجهه إلى غير القبلة، ولا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة، فإن استقبال القبلة يسقط عنه في هذه الحال، لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:16]، وقوله تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة:286] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم)) (219) 
 
المسألة الثانية: 
 إذا كان في شدة الخوف، كإنسان هارب من عدو، أو هارب من سبع، أو هارب من نار، أو هارب من واد يغرقه! المهم أنه في شدة خوف، فهنا يصلي حيث كان وجهه 
 
 ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:239]، فإن قوله ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ﴾ عام يشمل أي خوف. وقوله: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ على أنَّ أي ذكر تركه الإنسان من أجل الخوف فلا حرج عليه فيه،ومن ذلك استقبال القبلة
ويدل عليه أيضا: ماسبق من الآيتين الكريمتين و الحديث النبوي في أن الوجوب معلَّق بالاستطاعة 
 
 المسألة الثالثة:    
 في النافلة في السفر، سواء كان على طائرة، أو على سيارة، أو على بعير، فإنه يصلي حيث كان وجهه في صلاة النفل، مثل الوتر وصلاة الليل والضحى وماأشبه ذلك
 
والمسافر ينبغي له أن يتنفَّل بجميع النوافل كالمقيم سواءً إلا في الرواتب، كراتبه الظهر والمغرب والعشاء، فالسنة تركها، وماعدا ذلك من النوافل فإنه باقٍ على مشروعيته للمسافر، كما هو مشروع للمقيم. فإذا أراد أن يتنفل وهو مسافر على طائرته، أو على بعيره، أو على حماره، فليتنفَّلْ حيث كان وجهه، لأن ذلك هو الثابت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (220)
 
 
فهذه ثلاث مسائل لا يجب فيها استقبال القبلة! أما الجاهل فيجب عليه أن يستقبل القبلة، لكن إذا اجتهد وتحرَّى ثم تبيَّن له الخطأ بعد الاجتهاد، فإنه لا إعاده عليه، ولا نقول إنه يسقط عنه الاستقبال، بل يجب عليه الاستقبال و يتحرَّى بقدر استطاعته، فإذا تحرى بقدر استطاعته ثم تبيَّن له الخطأ، فإنه لا يعيد صلاته 

   
 فإذا أخطأ الإنسان في القبلة جاهلا فإنه ليس عليه إعادة، ولكن إذا تبيَّن ولو في أثناء الصلاة وجب عليه أن يستقيم إلى القبلة، فلو فرض أن إنسانا شرع يصلي إلى غير القبلة يظن أنها القبلة, فجاءه إنسان وقال له: القبلة عن يمينك أو  يسارك، وجب عليه أن يستدير على اليمين أو على اليسار دون أن يستأنف الصلاة لأنه في الأول كان عن اجتهاد وعن وجه شرعي فلا يبطل 
  
******************** 
فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى 
مختصر من شرح رياض الصالحين-باب المراقبة
---------------------
(219) أخرجه البخاري كتاب الاعتصام باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه و سلم رقم(7288) و مسلم كتاب الحج باب فرض الحج مرَّة في العمر، رقم(1337)
(220) انظر صحيح البخاري كتاب الصلاة باب التوجه نحو القبلة حيث كان، رقم(400) و صحيح مسلم كتاب صلاة المسافر باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت رقم(701،700)

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر