هل لو دعا بشيء مما يتعلق بأمور الدنيا بطلت صلاته ؟
الحمد لله
قال بعض الفقهاء رحمهم الله: لو دعا بشيء مما يتعلَّق بأمور الدنيا بطلت صلاتُه[359ٍ]
مثل أن يقول: اللَّهُمَّ ارزقني بيتاً واسعاً، أو: اللَّهُمَّ ارزقني زوجة جميلة، أو: اللَّهُمَّ ارزقني مالاً كثيراً، أو: اللَّهُمَّ ارزقني سيارة مريحة، وما أشبه ذلك؛ لأن هذا يتعلَّق بأمور الدُّنيا
لكن هذا قول ضعيف بلا شَكٍّ
والصحيح[360ٍ] أنه لا بأس أن يدعو بشيء يتعلَّق بأمور الدُّنيا؛ وذلك لأن الدُّعاء نفسه عبادة؛ ولو كان بأمور الدنيا، وليس للإنسان ملجأ إلا الله، وإذا كان الرَّسولُ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «أقربُ ما يكون العبدُ مِن ربِّه وهو ساجد»[361] ويقول: «أمَّا السُّجودُ فأكثروا فيه مِن الدُّعاء فَقَمِنٌ أن يُستجاب لكم»[362] ويقول في حديث ابن مسعود لما ذَكَرَ التَّشهُّدَ: «ثم ليتخيَّر مِن الدُّعاء ما شاء»[363] والإنسان لا يجد نفسه مقبلاً تمام الإقبال على الله إلا وهو يُصلِّي، فكيف نقول: لا تسأل الله ـ وأنت تُصلِّي ـ شيئاً تحتاجه في أمور دنياك! هذا بعيد جدًّا
وقد جاء في الحديث عن الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «ليسألْ أحدُكم ربَّه حاجته كلها حتى شِسْعَ نَعْلِه»[364] وشِسْع النَّعل: يتعلَّق بأمور الدُّنيا
فالصَّواب بلا شَكٍّ أن يدعو بعد التشهُّدِ بما شاء مِن خير الدُّنيا والآخرة، وأجمع ما يُدعى به في ذلك: «ربَّنا آتنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً، وقِنَا عذابَ النَّار» فإن هذه جامعة لخير الدنيا والآخرة
============
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله
بتصرف يسير من الشرح الممتع على زاد المستقنع - المجلد الثالث باب صفة الصلاة
----------------------
[359] «الروض المربع مع حاشية ابن قاسم» (2/76 ـ 77).
[360] «المجموع» (3/454)
[361] أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يُقال في الركوع والسجود (482) (215).
[362] تقدم تخريجه ص(87)
[363] تقدم تخريجه ص(151)
[364] أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات، باب ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها (3604) (8) وقال: «حديث غريب» من طريق قطن البصري عن جعفر، ومن طريق صالح بن عبد الله عن جعفر قال: «وهذا أصح من حديث قطن