معنى : وكواعب أترابا

س: هل في قوله تعالى ( وكواعب أترابا ) وصف لصدور الحور العين ؟
الحمد لله
من المعيب جدا أن يقتصر الناظر على المعنى الحرفي المعجمي لجذر الكلمة في أي لغة من اللغات ، بل لا بد من مراعاة السياق الذي يستعملها به أهل اللغة أنفسهم ، ألا ترى أن العرب تستمل كلمة ( الحائض ) على غير معناها الحرفي ، وإنما يقصدون بهذا الوصف : المرأةَ البالغة سن المحيض ، ولا يقصدون التي أصابتها دورتها الشهرية في ذلك الوقت 
 
وذلك كما ثبت عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : 
 ( لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ ) [1] 
ومعلوم في الشريعة الإسلامية أنه لا تصح صلاة المرأة وقت حيضها ، بل يحرم عليها ذلك باتفاق العلماء حتى ترتفع دورتها وتطهر منها
 
فمن فسر الكلمة بمعناها الحرفي المعجمي وقع في هذا التناقض والخطأ ، ومن فسرها كما يستعملها العرب في كلامهم ، يريدون به المرأة البالغة سن الحيض ، ولو لم تكن حائضا حقيقة فَهِمَ الحديث على وجهه ، وأدرك طريقة العرب في استعمال الكلام
 
وهكذا نقول في وصف المرأة بـ ( الكاعب ) في اللغة العربية ، لا يراد به وصف جنسي بدني لشيء من أجزاء المرأة ، بقدر ما هو المقصود وصف الفتاة بظهور علامات الأنوثة فيها ، دلالة على صغر سنها ، ونضارة شبابها ، بحيث يمكن أن يتعلق بها الرجال ، فالفتاة في هذه السن تبدأ علامات أنوثتها بالبروز والظهور ، ولكن ليس المقصود بهذه الكلمة ذكر حجم محدد للثدي ، ولا ملاحظة شكله ووصفه ، وإنما المراد تأكيد سن الشباب ونضارة العمر.
 
ولو تدبرت القرآن الكريم لوجدته دائما ما يكني باستعمال الألفاظ التي تبلغ الغاية في الإشارة ولطيف العبارة ، كقوله عز وجل في وصف العلاقة الزوجية :{ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} البقرة/187 
وقوله سبحانه :{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الروم/21  
وقوله عز وجل : { أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ } النساء/43 
 
ولو ترجمت هذه الألفاظ بحرفيتها لما علم معناها ؛ لأن ترجمة ( اللباس ) ( والسكن )( واللمس ) ترجمة حرفية لا تؤدي المقصود ، ولكن سياق الآيات يدل على أن المراد بها الكناية  أو المعنى المجازي لحقيقة المعاشرة الزوجية ، ولكن من زاوية القيمة الروحية لهذه الممارسة 
 
***************
مختصر من الإسلام سؤال وجواب 
------------- 
[1] رواه أبو داود (641) 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر