معنى: الظهار ‏"‏قول:أنت علي كظهر أمي‏"


بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ القَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (2-4)المجادلة 
المظاهرة من الزوجة‏:‏ أن يقول الرجل لزوجته‏:‏ ‏"‏أنت علي كظهر أمي‏"‏ أو غيرها من محارمه، أو ‏"‏أنت علي حرام‏"‏ وكان المعتاد عندهم في هذا لفظ ‏"‏الظهر‏"‏ ولهذا سماه الله ‏"‏ظهارا‏"‏ 

 فقال‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِم‏}‏ أي‏:‏ كيف يتكلمون بهذا الكلام الذي يعلم أنه لا حقيقة له، فيشبهون أزواجهم بأمهاتهم اللاتي ولدنهم‏؟‏ ولهذا عظم الله أمره وقبحه، فقال‏:‏{‏وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا‏}‏ أي‏:‏ قولا شنيعا، ‏{‏وزورا‏}‏ أي‏:‏ كذبا‏‏
{‏وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ‏}‏ عمن صدر منه بعض المخالفات، فتداركها بالتوبة النصوح‏
{‏وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا‏}‏  إذا وجد العود للوطء 

 صار كفارة هذا التحريم ‏{‏تحرير رَقَبَةٍ‏ مُؤْمِنَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا‏}‏ أي‏:‏ يلزم الزوج أن يترك وطء زوجته التي ظاهر منها حتى يكفر برقبة‏ 
‏{‏ذَلِكُم‏}‏ الحكم الذي ذكرناه لكم، ‏{‏تُوعَظُونَ بِهِ‏}‏ أي‏:‏ يبين لكم حكمه مع الترهيب المقرون به، لأن معنى الوعظ ذكر الحكم مع الترغيب والترهيب، فالذي يريد أن يظاهر، إذا ذكر أنه يجب عليه عتق رقبة كف نفسه عنه، ‏{‏وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ‏}‏ فيجازي كل عامل بعمله‏
{‏فَمَنْ لَمْ يَجِد‏}‏ رقبة يعتقها، بأن لم يجدها أو ‏[‏لم‏]‏ يجد ثمنها ‏{‏فـ‏}‏ عليه ‏{‏صيام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِع‏}‏ الصيام ‏{‏فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا‏}‏ إما بأن يطعمهم من قوت بلده ما يكفيهم، كما هو قول كثير من المفسرين، وإما بأن يطعم كل مسكين مُدَّ بُرٍّ أو نصف صاع[1] 

ذلك الحكم الذي بيناه لكم، ووضحناه لكم ‏{‏لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ وذلك بالتزام هذا الحكم وغيره من الأحكام، والعمل به، فإن التزام أحكام الله، والعمل بها من الإيمان، ‏[‏بل هي المقصودة‏]‏ ومما يزيد به الإيمان ويكمل وينمو‏
{‏وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ‏}‏ التي تمنع من الوقوع فيها، فيجب أن لا تتعدى ولا يقصر عنها‏.‏
{‏وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏  
   ّّّ 
وفي هذه الآيات، عدة أحكام‏:‏
- أن الظهار محرم، لأن الله سماه منكرا ‏[‏من القول‏]‏ وزورا‏ 
  
- أنه يكره للرجل أن ينادي زوجته ويسميها باسم محارمه، كقوله ‏{‏يا أمي‏}‏ ‏{‏يا أختي‏}‏ ونحوه، لأن ذلك يشبه المحرم‏ 
 
-‏ أنه يجب إخراجها إن كانت عتقا أو صياما قبل المسيس، كما قيده الله‏ 
- أنه لعل الحكمة في وجوب الكفارة قبل المسيس، أن ذلك أدعى لإخراجها، فإنه إذا اشتاق إلى الجماع، وعلم أنه لا يمكن من ذلك إلا بعد الكفارة، بادر لإخراجها‏
-‏ أنه لا بد من إطعام ستين مسكينا، فلو جمع طعام ستين مسكينا، ودفعها لواحد أو أكثر من ذلك، دون الستين لم يجز ذلك، لأن الله قال‏:‏ ‏{‏فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا‏} 

==============
 تفسير فضيلة الشيخ العلامة السعدي رحمه الله تعالى 
------------------------------------------------
[1] قلت (نصف صاع) كيلو ونصف الكيلو والله أعلم

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر