شرح الآية الجامعة للأطعمة المحرمة
بسم الله الرحمن الرحيم
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}
أي: حرم الله سبحانه وتعالى عليكم أكل الميتة، والميتة هي التي ماتت بغير ذكاة شرعية، السمك والجراد أحل الله ميتتهما، وماعدا ذلك فإنه حرام
{وَالْدَّمُ}
{وَالْدَّمُ}
هنا مطلق، ولكن قيدته الآية الثانية في السفوح كما قال تعالى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [ الأنعام145]، والمراد به الذي يخرج من الذبيحة وقت ذبحها ويشخب من أوداجها، أما الدم المتبقي في العروق واللحم فهذا معفو عنه لا بأس بأكله مع اللحم، واستثني من الدم الدمان اللذان مرَّ ذكرهما في الحديث: "أحلت لن ميتتان ودمان..... وأما الدمان فالكبد والطحال" (رواه الإمام أحمد في مسنده)
{وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}
{وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}
هو الحيوان المعروف بالقذارة والدناءة حرم الله أكله لما فيه من الأضرار البالغة، وما يورثه من الأمراض الخطيرة كما قرر ذلك أهل الطب، فإن الخنزير فيه جراثيم وأمراض خطيرة اكتشفت ولا تزال تكتشف، والله جل وعلا لا يحرم على عباده إلا ما فيه مضرة عليهم
{وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}
المراد به ما ذبح للأصنام تقرباً إليها وما ذبح لسائر المعبودات، وكذلك ما ذبح وسمي عليه غير اسم الله عز وجل
{وَالْمُنْخَنِقَةُ}
قالوا: إن هذا تفصيل للميتة التي ذكرها الله في أول الآية، والمنخنقة هي التي حبس نفسها بحبل أو بغيره حتى ماتت بسبب الخنق
{وَالْمَوْقُوذَةُ}
{وَالْمَوْقُوذَةُ}
هي التي ضربت بشيء مثقل وماتت بالضربة ولو خرج منها دم، لأن المثقل لا يجرحها، وإنما يقتلها بثقله ويرضها فتموت بسبب ثقله
{وَالْمُتَرَدِّيَةُ}
{وَالْمُتَرَدِّيَةُ}
فهي الساقطة من شيء مرتفع كالسطح أو الجبل أو الجدار أو في حفرة، أو في بئر وماتت بسبب السقطة، هذه هي المتردية
{وَالنَّطِيحَةُ}
هي التي تناطحت مع أخرى كتناطح الغنم بعضها مع بعض، والبقر بعضها مع بعض، فإذا ماتت بسبب المناطحة فهي النطيحة ولا تؤكل
{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}
{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ}
السبع هو الذي يفرس بنابه من الذئاب والأسود وغيرها من السباع المفترسة التي تفرس بأنيابها أو بمخالبها كسبع الطير أو سبع الحيوان، فإذا أصاب الحيوان ومات بسبب إصابته، فإنه يكون ميتة لا يؤكل
{إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ}
{إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ}
هذا استثناء مما سبق أي إلا ما أدركتموه حيّاً من هذه الأشياء: المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إذا أدركتموه بعد إصابته بشيء من هذه الأمور، وفيه حياة مستقرة وذكيتموه، فإنه حلال، لأنه توفرت فيه شروط الإباحة وهي الذكاة الشرعية، أما ما أدركتموه وقد مات بسبب الإصابة أو أدركتموه حيّاً في الرمق الأخير وحياته غير مستقرة كحياة المذبوح فهذا أيضاً لا يحل
وقال بعض أهل العلم: إن ما أدرك وفيه حياة أو بقية حياة وذكي فإنه يحل، ولكن الجمهور على أن ما كانت حياته غير مستقرة كحركة المذبوح فهذا لا يحل بتذكيته، لأنه في حكم الميت
===========
فضيلة الشيخ د.صالح بن فوزان الفوزان