قسوة القلب وأسبابها

 
بسم الله والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه
فمرض " قسوة القلوب " مرض خطير ومنتشر ، ونعنى بقسوة القلب : ذهاب اللين منه ، وقلة الرحمة فيه ، والبعد عن الخشوع ، وأن صاحبه لا ينتفع بموعظة ، ولا يقبل نصيحة ، ولا يميز بين الحق والباطل   
 
والقلب القاسي أبعد ما يكون من الله تعالى ، وعن دينه وشرعه وتعاليمه وقد ذم الله تعالى في كتابه هذا الداء العضال ، فقال سبحانه
( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة )74البقرة
أي : صارت قلوبهم كالحجارة في القسوة والصلابة
  
وإذا قسى القلب وأظلم ، فسد حال العبد ، وخلت عبادته من الخشوع ، وغلب عليه البخل والكبر وسوء الظن , وصار بعيداً عن الله ، وأحس بالضيق والشدّة والضنك
وافتقرت نفسه ولو ملك الدنيا بأسرها ، وحرم لذة العبادة ، ومناجاة الله ، وصار عبداً للدنيا ، مفتونا بها , وطال عليه الأمد    
 
وقسوة القلوب من علامات الساعة
فعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 

 " إن أول ما يرفع من الناس الخشوع " [1]
 
وهناك أمور تقسي القلب من أهمها   
 الإعراض عن ذكر الله تعالى    
 قال تعالى ( ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ) طه124
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمن الذى يذكرُ ربه ، والذى لا يذكر ربه ، مثلُ الحي والميت " [2]
 
 التفريط فى الفرائض ونقض عهد الله  
قال الله تعالى ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية ) المائدة13
فجعل قسوة قلوبهم من العقوبات التي عوقبوا بها ، فلا تجدي فيها المواعظ ، ولا تنفعها الآيات والنذر
 
فعل المعاصي والمحرمات   
وهو من أعظم الأسباب لقسوة القلب ، قال تعالى ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) المطففين14  
وورد فى الحديث الصحيح "إن العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكت نكته سوداء فى قلبه فإن تاب منها صقل قلبه ، وإن زاد زادت ، فذلك قول الله ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )[3] 
 
 الجهل بالدين ، وترك التفقه فيه
قال تعالى ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) فاطر28
فمن كان بالله أعلم ، كان أكثر خشية له ، فالجهل من أعظم اسباب قسوة القلب ، وقلة الخشية من الله عز وجل  

 
 اتباع الهوى والشهوات ، وعدم قبول الحق والعمل به
قال تعالى ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) الصف5
أي : لما تركوا الحق عمدا وانصرفوا عنه ، صرفهم الله عن الهدى 

 
 النظر فى كتب أهل البدع والتأثر بمذهبهم
فان الاشتغال بها يصرف المسلم عن الكتب النافعة ويحرمه من الانتفاع بها. 
 وقال الشافعي: المراء في العلم يقسي القلوب ويورث الضغائن
  
التوسع في المباحات وفضول النظر والطعام والنكاح 
فالإكثار من ملذات الدنيا ، والركون إليها مما يقسي القلب ، وينسيه الآخرة كما ذكر أهل العلم  
 
 كثرة الضحك والإنشغال باللهو
ففي الحديث الصحيح : " وإياك وكثرة الضحك ، فإنه يميت القلب " رواه الترمذي 
فالقلب إذا اشتغل بالباطل ، انصرف عن الحق وكرهه وأنكره  
 
كثرة مخالطة الناس
فالقلب يقسو بكثرة الخلطة في غير طاعة ، ويقل فيه الإيمان بالإكثار من ذلك 
  
أكل الحرام
ذكرالرسول صلى الله عليه وسلم الذى يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه الى السماء يارب يارب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنّى يستجاب له " رواه مسلم  
نسأل الله أن يصلح قلوبنا ، ويسدد ألسنتنا ، ويكفينا شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، إنه سميع مجيب الدعاء 

==========
مختصر من مقالات فضيلة الشيخ د. محمد الحمود النجدي
-----------------------------------------------
[1] رواه الطبراني ( 7/ 295 ) وغيره 
 [2]رواه البخاري في الدعوات ( 6407)
[3]رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة   

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر