شرح حديث : كاسيات عاريات

الحمد لله
هذا حديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: 
 ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها))(1) 
 
وهذا وعيد عظيم يجب الحذر مما دل عليه. فالرجال الذين في أيديهم سياط كأذناب البقر هم من يتولى ضرب الناس بغير حق من شرطة أو من غيرهم، سواء كان ذلك بأمر الدولة أو بغير أمر الدولة. فالدولة إنما تطاع في المعروف 
 قال صلى الله عليه وسلم ((إنما الطاعة في المعروف))، وقال عليه الصلاة والسلام ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)) 
 
 وأما قوله صلى الله عليه وسلم (( نساء كاسيات عاريات )) 
 فقد فسر ذلك أهل العلم بأن معنى كاسيات يعني من نعم الله، عاريات يعني من شكرها، لم يقمن بطاعة الله، ولم يتركن المعاصي والسيئات مع إنعام الله عليهن بالمال وغيره 
 
 وفسر الحديث أيضا بمعنى آخر وهو أنهن كاسيات كسوة لا تسترهن؛ إما لرقتها أو لقصورها، فلا يحصل بها المقصود، ولهذا قال: عاريات؛ لأن الكسوة التي عليهن لم تستر عوراتهن 
  
 ((مميلات)) 
 مميلات لغيرهن، أي يدعين إلى الشر والفساد، فهن بأفعالهن وأقوالهن يملن غيرهن إلى الفساد والمعاصي ويتعاطين الفواحش لعدم إيمانهن أو لضعفه وقلته 
 والمقصود من هذا الحديث الصحيح هو التحذير من الظلم وأنواع الفساد من الرجال والنساء

((مائلات)) 
عن العفة والاستقامة. أي عندهن معاصي وسيئات كاللائي يتعاطين الفاحشة، أو يقصرن في أداء الفرائض، من الصلوات وغيرها 

((رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة)) 
قال بعض أهل العلم: إنهن يعظمن الرءوس بما يجعلن عليها من شعر ولفائف وغير ذلك، حتى تكون مثل أسنمة البخت المائلة، والبخت نوع من الإبل لها سنامان، بينهما شيء من الانخفاض والميلان، هذا مائل إلى جهة وهذا مائل إلى جهة، فهؤلاء النسوة لما عظمن رءوسهن وكبرن رءوسهن بما جعلن عليها أشبهن هذه الأسنمة 
 
((لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها)) 
 فهذا وعيد شديد، ولا يلزم من ذلك كفرهن ولا خلودهن في النار كسائر المعاصي، إذا متن على الإسلام، بل هن وغيرهن من أهل المعاصي كلهم متوعدون بالنار على معاصيهم، ولكنهم تحت مشيئة الله إن شاء سبحانه عفا عنهم وغفر لهم وإن شاء عذبهم 
 
كما قال عز وجل في سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
(48النساء)  
والآيات في هذا المعنى كثيرة نسأل الله العافية والسلامة من حالهم 
  
==========
سماحة الشيخ العلامة بن باز رحمه الله تعالى
http://www.binbaz.org.sa/mat/327 
-----------------
(1) الراوي: أبو هريرة -  المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم
   الصفحة أو الرقم: 2128خلاصة حكم المحدث: صحيح

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

تليين القلب الحجر

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف