مفاتح الغيب

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مفاتح الغيب وسميت مفاتح لأن كل واحد منها فاتحة لشيء بعده‏
أولا‏:‏ إن الله عنده علم الساعة‏
علم الساعة لا يمكن لأحد أن يدركه إلا الرب ـ عز وجل ـ فها هو أفضل الرسل من الملائكة جبريل يسأل أفضل الرسل من البشر محمدا صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ أخبرني عن الساعة‏؟‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏  ‏(‏ما المسؤول عنها بأعلم من السائل‏)‏‏ 
 أي علمي وعلمك فيها سواء فكما أنك لا تعلمها فأنا كذلك لا أعلمها 
 
ثانيا‏:‏ نزول الغيث
‏{‏وينزل الغيث‏}‏ وهنا لم يقل‏:‏ يعلم نزول الغيث بل قال‏:‏ ‏{‏وينزل الغيث‏}‏ وإذا كان تنزيل الغيث ليس لأحد سوى الله فعلم نزوله ليس لأحد سوى الله ـ عز وجل 
 
ثالثا‏:‏ ويعلم ما في الأرحام
 قوله تعالى‏{‏ويعلم ما في الأرحام‏}‏ فعلم ما في الأرحام لا يقتصر على علم كونه ذكرا أو أنثى واحدا أم متعددا بل علم ما في الأرحام أشمل من ذلك فهو يشمل كونه ذكرا أو أنثى يشمل كونه واحدا أو متعددا يشمل يخرج حيا أو يخرج ميتا يشمل أن هذا الجنين سيبقى مدة طويلة في الدنيا أو مدة قصيرة يشمل أن هذا الجنين سيكون ذا مال كثير أو فقر مدقع يشمل أن هذا الجنين سيكون عالما أو جاهلا فكل ما يتعلق بهذا الجنين يدخل في قوله‏:‏ ‏{‏ويعلم ما في الأرحام‏}‏ فهو شامل عام خاص بالله تعالى 

ولكن يشكل على هذا أنه في عصرنا الحاضر توصل الطب إلى أن يعلم أن مافي بطن هذه الأنثى ذكر أو أنثى فهل يبقى معارضة في الآية‏؟‏ 
 فالجواب‏:‏ أنه ليس هناك معارضة للآية لأنهم لا يعلمون أنه ذكر أو أنثى إلا بعد أن يكون ذكرا أو أنثى أما قبل ذلك فلا يستطيعون العلم بأنه ذكر أو أنثى
 
رابعا‏:‏ وما تدري نفس ماذا تكسب غدا‏
وانظر إلى التعبير بقوله‏:‏ ‏{‏ماذا تكسب غدا‏}‏ فإن الإنسان قد يدري ماذا سيعمل غدا لكنه لا يدري هل سيكسب ذلك العمل أم لا‏ فأنت قد تخطط لعمل مستقبل كغد مثلا لكن لا تكسبه فقد يحول بينك وبينه مانع من موت أو مرض أو شغل آخر ترى أنه أقدم منه أو ما أشبه ذلك
‏ 
خامسا‏:‏ وما تدري نفس بأي أرض تموت
وصدق الله فلا أحد يستطيع أن يحكم بأنه سيموت في الأرض الفلانية فقد يقول الإنسان‏:‏ أنا لن أخرج من بلدي فسأموت في بلدي لكن هذا قد لا يتم فأحيانا يكون الإنسان في بلده لا يخرج أبدا منها فيمرض وتحدثه نفسه وتحدوه همته وعزيمته إلى أن يسافر للعلاج فإذا وصل إلى البلد الذي قرر أن يتعالج فيه مات فور وصوله 
 
هذه مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا الله ـ عز وجل ـ‏.‏ والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
‏ 
*************
فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

آيات ظاهرها التعارض (1)

تليين القلب الحجر