حديث : لا تسأل الإمارة
الحمد لله
عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ياعبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكِّلت إليها، وإن أوتيتها عن غير مسألة أُعِنْتَ عليها
وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فائْتِ الذي هو خير، وكفِّر عن يمينك)
متفق عليه
وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها، فائْتِ الذي هو خير، وكفِّر عن يمينك)
متفق عليه
هذا الحديث احتوى على جملتين عظيمتين:
إحداهما: أن الإمارة وغيرها من الولايات على الخلق، لا ينبغي للعبد أن يسألها، ويتعرض لها بل يسأل الله العافية والسلامة، فإنه لا يدري، هل تكون الولاية خيراً له أو شراً؟ ولا يدري، هل يستطيع القيام بها، أم لا؟
فإذا سألها وحرص عليها، وُكِّلَ إلى نفسه. ومتى وُكِّلَ العبد إلى نفسه لم يوفق، ولم يسدد في أموره، ولم يُعَن عليها؛ لأن سؤالها ينبئ عن محذورين:
الأول: الحرص على الدنيا والرئاسة، والحرص يحمل على الريبة في التخوض في مال الله، والعلو على عباد الله
الثاني: فيه نوع اتكال على النفس، وانقطاع عن الاستعانة بالله. ولهذا قال (وكلت إليها)
وأما من لم يحرص عليها ولم يتشوف لها، بل أتته من غير مسألة ورأى من نفسه عدم قدرته عليها، فإن الله يعينه عليها، ولا يكله إلى نفسه؛ لأنه لم يتعرض للبلاء، ومن جاءه البلاء بغير اختياره حمل عنه، ووفق للقيام بوظيفته , وفي هذه الحال يقوى توكله على الله تعالى، ومتى قام العبد بالسبب متوكلاً على الله نجح
وفي قوله صلى الله عليه وسلم (أعنت عليها) دليل على أن الإمارة وغيرها من الولايات الدنيوية جامعة للأمرين، للدين، والدنيا؛ فإن المقصود من الولايات كلها: إصلاح دين الناس ودنياهم
فإن قيل: كيف طلب يوسف صلى الله عليه وسلم وِلايةَ الخزائن المالية في قوله:
{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ}
قيل: الجواب عنه قوله تعالى: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} فهو إنما طلبها لهذه المصلحة التي لا يقوم بها غيره من الحفظ الكامل، والعلم بجميع الجهات المتعلقة بهذه الخزائن. فهو لما رأى الملك استخلصه لنفسه وجعله مقدماً عليه
******************
فضيلة الشيخ العلامة السعدي رحمه الله تعالى
من كتاب بهجة قلوب الأبرار: الحديث الحادي والخمسون
من كتاب بهجة قلوب الأبرار: الحديث الحادي والخمسون