تفسير: خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا ماشاء ربك

 
السؤال : يقول الحق تبارك وتعالى: { وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ }108هود 
  هل يفهم من هذا أن من دخل الجنة يخرج منها إذا شاء الله؟ 
الحمد لله  
قوله جل وعلا: {إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ } اختلف أهل العلم في بيان معنى ذلك مع إجماعهم بأن نعيم أهل الجنة دائم أبداً لا ينقضي ولا يزول ولا يخرجون منها, ولهذا قال بعدها سبحانه:{ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ } لإزالة ما قد يتوهم بعض الناس من أن هناك خروجاً 
 فهم خالدون فيها أبداً, وهذا العطاء غير مجذوذ يعني غير مقطوع
 
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ }, فهم فيها دائمون لا يخرجون
 
 فأخبرسبحانه أن أهل الجنة في مقام أمين لا يعتريه خراب ولا زوال, وأنهم آمنون أيضاً فلا خطر عليهم من موت, ولا مرض, ولا خروج, ولا حزن, ولا غير ذلك وأنهم لا يموتون أبداً, فعلم بهذا أن أهل الجنة مخلدون 
 
فقوله: {إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ}, قال بعض أهل العلم معناه مدة بقاؤهم في القبور هذا ليسوا في الجنة, وإن كان المؤمنون في روضة من رياض جنات النعيم لكن ذلك ليس هو الجنة وإنما هو شيء من الجنة 
 
 فإنه يفتح للمؤمن في قبره باب إلى الجنة يأتيه من ريحها, وطيبها, ونعيمها, ولكنه ليس محل الجنة بل ينقل إلى أبعد ذلك إلى الجنة فوق السماوات في أعلى شيء 
 
 وقال بعضهم معنى إلا ما شاء ربك يعني مدة مقامهم في موقف القيامة للحساب والجزاء هذا مستثنى بعد خروجهم من القبور فإنهم بعد ذلك ينتقلوا إلى الجنة
 
وقال بعضهم مجموع الأمرين مدة بقاؤهم في القبور ومدة بقاؤهم في الموقف ومرورهم على الصراط كل هذه الأوقات كلها زائدة ليسوا في الجنة لكن ينقلون منها إلى الجنة 
 
{إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ } هذا من المشتبه, ولهذا اختلف تفسيرهم له, ولكنهم يقيناً أنهم قبل دخولهم الجنة, هذا المستثنى قبل دخولهم الجنة, فإما أن يراد به مقامهم في القبور, أو مقامهم في موقف الحساب, وأما بعد دخولهم الجنة فلا يخرجون منها أبد الآباد بإجماع المسلمين
 
*****************
فضيلة الشيخ العلامة بن باز رحمه الله  
مختصر من فتاوى نور على الدرب 


المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر