حديث:القابض على دينه كالقابض على الجمر‏

الحمد لله

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ 
 ‏(‏يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر‏)‏ 
 رواه الترمذي‏ 
   
وهذا الحديث يقتضي خبراً وإرشاداً‏‏   
أما الخبر: 
 فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر، أنه في آخر الزمان يقل الخير وأسبابه، ويكثر الشر وأسبابه، وأنه عند ذلك يكون المتمسك بالدين من الناس أقل القليل‏
 
‏ وهذا القيل في حالة شدة ومشقة عظيمة، كحالة القابض على الجمر، من قوة المعارضين، وكثرة الفتن المضلة، فتن الشبهات والشكوك والإلحاد، وفتن الشهوات وانصراف الخلق إلى الدنيا وانهماكهم فيها، ظاهراً وباطناً، وضعف الإيمان، وشدة التفرد؛ لقلة المعين والمساعد‏
‏  
وأما الإرشاد: 
 فإنه إرشاد لأمته، أن يوطنوا أنفسهم على هذه الحالة، وأن يعرفوا أنه لا بد منها، وأن من اقتحم هذه العقبات، وصبر على دينه وإيمانه – مع هذه المعارضات – فإن له عند الله أعلى الدرجات‏‏ وسيعينه مولاه على ما يحبه ويرضاه؛ فإن المعونة على قدر المؤنة‏ 
 
وما أشبه زماننا هذا بهذا الوصف، الذي ذكره صلى الله عليه وسلم ، فإنه ما بقي من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، إيمان ضعيف، وقلوب متفرقة، وحكومات متشتتة، وعداوات وبغضاء باعدت بين المسلمين
 
وأعداء ظاهرون وباطنون، يعملون سراً وعلناً للقضاء على الدين، وإلحاد وماديات، جرفت بخبيث تيارها وأمواجها المتلاطمة الشيوخ والشبان، ودعايات إلى فساد الأخلاق، والقضاء على بقية الرمق‏
 
‏ ثم إقبال الناس على زخارف الدنيا، بحيث أصبحت هي مبلغ علمهم، وأكبر همهم، ولها يرضون ويغضبون، ودعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة، والإقبال بالكلية على تعمير الدنيا، وتدمير الدين، واحتقاره والاستهزاء بأهله
    
ولكن مع ذلك، فإن المؤمن لا يقنط من رحمة الله، ولا ييأس من روح الله، ولا يكون نظره مقصوراً على الأسباب الظاهرة‏.‏ بل يكون ملتفتاً في قلبه كل وقت إلى مسبب الأسباب، الكريم الوهاب، ويكون الفرج بين عينيه، ووعده الذي لا يخلفه، بأنه سيجعل له بعد عسر يسراً، وأن الفرج مع الكرب، وأن تفريج الكربات مع شدة الكربات، وحلول المنغصات‏
فالمؤمن من يقول في هذه الأحوال‏‏ ‏(‏لا حول ولا قوة إلا بالله‏)‏ و ‏(‏حسبنا الله ونعم الوكيل‏.‏ على الله توكلنا‏.‏ اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى‏.‏ وأنت المستعان‏.‏ وبك المستغاث‏.‏ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏)‏ 
 
****************** 
فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى
مختصر من كتاب بهجة قلوب الأبرار

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر