تفسير بعض الآيات من سورة المرسلات

بسم الله الرحمن الرحيم
‏‏ ‏{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا *وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا* فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا * فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ }1-7المرسلات
 
أقسم تعالى على البعث والجزاء بالأعمال ، بالمرسلات عرفا، وهي الملائكة التي يرسلها الله تعالى بشئونه القدرية وتدبير العالم، وبشئونه الشرعية ووحيه إلى رسله‏   
و‏{‏عُرْفًا‏}‏ حال من المرسلات أي‏:‏ أرسلت بالعرف والحكمة والمصلحة، لا بالنكر والعبث‏
‏{‏فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا‏}‏ وهي ‏[‏أيضا‏]‏ الملائكة التي يرسلها الله تعالى وصفها بالمبادرة لأمره، وسرعة تنفيذ أوامره، كالريح العاصف، أو‏:‏ أن العاصفات، الرياح الشديدة، التي يسرع هبوبها‏
‏{‏وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا‏}‏  يحتمل أنها الملائكة ، تنشر ما دبرت على نشره، أو أنها السحاب التي ينشر بها الله الأرض، فيحييها بعد موتها‏
 
‏{‏فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا‏}‏ هي الملائكه تلقي أشرف الأوامر، وهو الذكر الذي يرحم الله به عباده، ويذكرهم فيه منافعهم ومصالحهم، تلقيه إلى الرسل‏
 
{‏عُذْرًا أَوْ نُذْرًا‏}‏ أي‏:‏ إعذارا وإنذارا للناس، تنذر الناس ما أمامهم من المخاوف وتقطع معذرتهم ، فلا يكون لهم حجة على الله‏
‏{‏إِنَّمَا تُوعَدُونَ‏}‏  من البعث والجزاء على الأعمال ‏{‏لَوَاقِعٌ‏}‏ أي‏:‏ متحتم وقوعه، من غير شك ولا ارتياب‏ 
 
‏‏ ‏{‏انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ * إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ‏}‏[‏29 ـ 34‏] 
 
هذا من الويل الذي أعد ‏[‏للمجرمين‏]‏ للمكذبين، أن يقال لهم يوم القيامة‏:‏ ‏{‏انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ‏}‏ 
 
ثم فسر ذلك بقوله‏:‏ ‏{‏انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ‏}‏ أي‏:‏ إلى ظل نار جهنم، التي تتمايز في خلاله ثلاث شعب أي‏:‏ قطع من النار أي‏:‏ تتعاوره وتتناوبه وتجتمع به‏.‏ 
 
‏{‏لَا ظَلِيلٍ‏}‏ ذلك الظل أي‏:‏ لا راحة فيه ولا طمأنينة، ‏{‏وَلَا يُغْنِي‏}‏ من مكث فيه ‏{‏مِنَ اللَّهَبِ‏}‏ بل اللهب قد أحاط به، يمنة ويسرة ومن كل جانب، 
 
ثم ذكر عظم شرر النار، الدال على عظمها وفظاعتها وسوء منظرها، فقال‏:‏
‏{‏إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ‏}‏ وهي السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة، وهذا يدل على أن النار مظلمة، لهبها وجمرها وشررها، وأنها سوداء، كريهة المرأى ، شديدة الحرارة، نسأل الله العافية منها ‏[‏من الأعمال المقربة منها‏]‏‏ 
{‏وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ‏}‏ 
 
**************
من تفسير الشيخ العلامة السعدي رحمه الله تعالى

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر