حُسن الخُلُق في معاملة الخالق
الحمد لله
كثير من الناس يذهب فهمه إلى أن حسن الخلق لا يكون إلا في معاملة الخلق ، دون معاملة الخالق ولكن هذا الفهم قاصر, فإن حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق يكون في معاملة الخالق
فما هو حسن الخلق في معاملة الخالق ؟
هو حسن الخلق في معاملة الخالق يجمع ثلاث أمور:
أولاً: تلقي أخباره بالتصديق:
بحيث لا يقع عند الإنسان شك أو تردد في تصديق خبر الله تعالى، لأن خبر الله ـ سبحانه وتعالى ـ صادر عن علم وهو أصدق القائلين كما قال تعالى عن نفسه ( ومن أصدق من الله حديثا)87النساء
ولازم تصديق أخبار الله أن يكون الإنسان واثقاً بها مدافعاً عنها مجاهداً بها، بحيث لا يدخله شك، أو تشكيك في أخبار الله ـ سبحانه وتعالى ـ وأخبار رسوله صلى الله عليه وسلم
وإذا تخلق بهذا الخلق أمكنه أن يدفع كل شبهة يوردها المغرضون على أخبار رسوله صلى الله عليه وسلم، سواء أكانوا من المسلمين الذين ابتدعوا في دين الله ما ليس منه أم كانوا من غير المسلمين الذين يلقون الشبهة في قلوب المسلمين
ولنضرب مثلاً
ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن فإحدى جناحيه داء والأخرى شفاء (1)
هذا خبر رسوله الله صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم في أمور الغيب لا ينطق إلا بما أوحى الله إليه؛ لأنه بشر والبشر لا يعلم الغيب بل قد قال الله له (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن اتبع إلا ما يوحي إلي)50الأنعام
هذا الخبر يجب علينا أن نقابله بحسن الخلق وحسن الخلق نحو هذا الخبر أن نتلقى هذا الخبر بالقبول، وأن نجزم بأن ما قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فهو حق وصدق وإن اعترض عليه من يعترض
ثانياً: تلقي أحكامه بالتنفيذ والتطبيق:
إن حسن الخلق في معاملة الله بالنسبة للأحكام أن يتلقاها الإنسان بالقبول والتنفيذ والتطبيق فلا يرد شيئاً من أحكام الله، فإذا ردّ شيئاً من أحكام الله، فهذا سوء خلق مع الله سواء ردها منكراً حكمها، أو ردها مستكبراً عن العمل بها، أو ردها متهاوناً بالعمل بها، فإن ذلك مناف لحسن الخلق مع الله عز وجل
الأمر الثالث تلقي أقداره بالصبر والرضا
وكلنا يعلم أن أقدار الله ـ عز وجل ـ التي ينفذها في خلقه بعضها ملائم وبعضها غير ملائم
هل المرض يلائم الإنسان؟ أبداً الإنسان يحب أن يكون صحيحاً. وهل الفقر يلائم الإنسان ؟ لا فالإنسان يحب أن يكون غنيًّا. وهل الجهل يلائم الإنسان؟ لا. فالإنسان يحب أن يكون عالماً
لكن أقدار الله ـ عز وجل ـ بحكمته تتنوع منها ما يلائم الإنسان ويستريح له بمقتضى طبيعته، ومنها ما لا يكون كذلك
وعلى هذا فإن حسن الخلق مع الله نحو أقداره هو أن الإنسان يرضى ويستسلم ويطمئن. ولهذا امتدح الله تعالى الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. وقال ( وبشر الصابرين)155البقرة
**********
فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
------------------------
(1) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ... إلخ
(1) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ... إلخ