استجابة دعاء العصاة
الحمد لله
فإن الله يستجيب دعاء المضطر والمظلوم، وإن كان الداعي كافراً أو فاجراً، قال تعالى:
{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ }[النمل:62]
وذلك لما يكون عليه المضطر والمظلوم من الذل لربه والافتقار إليه، فلكرم الله لا يرد من حالته هذه خائباً
قال الإمام القرطبي في تفسيره:
ضمن الله تعالى إجابة المضطر إذا دعاه، أخبر بذلك عن نفسه، والسبب في ذلك أن الضرورة إليه باللجوء ينشأ عن الإخلاص، وقطع القلب عما سواه، وللإخلاص عنده سبحانه موقع وذمة، وجد من مؤمن أو كافر طائع أو فاجر
كما قال تعالى: حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ. وقوله: فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ
فأجابهم عند ضرورتهم ووقوع إخلاصهم، ومع علمه أنهم يعودون إلى شركهم وكفرهم
وقال تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
فيجيب المضطر لموضع اضطراره وإخلاصه. انتهى
وقد يكون توالي النعم على الكافر والفاجر استدراجاً من الله، قال تعالى:
{وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}
[الأعراف: 182-183]
قال الحافظ ابن كثير: ومعناه أنه يفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء، كما قال تعالى:
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .انتهى
وفي البخاري مرفوعاً: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته
وقال الحسن: كم من مستدرج بالإحسان إليه، ومغرور بالستر عليه
هذا، وإن الواجب على من ابتلي بفعل الفواحش ان يبادر إلى التوبة، فالموت يأتي بغتة، وحينها لا ينفع الندم
=========
مختصر من فتاوى الشبكة الإسلامية