هل لمس المرأة ينقض الوضوء
الحمد لله
مس المرأة (*) لا ينقض الوضوء مطلقاً سواءً كان لشهوة أم غير شهوة إلا أن يحدث إنزال أو مذي، فإن حصل بذلك إنزال أو مذي أو غيرهما من الأحداث وجب الوضوء بهذا الحدث لا بمجرد المس
إذاً لا دليل على بطلان الوضوء من مس المرأة، فإذا لم يقم دليلٌ صحيحٌ صريح فإننا لا يمكن أن ننقض طهارةً ثبتت بمقتضى دليلٍ صريحٍ صحيح. وقوله تعالى: ﴿أو لامستم النساء﴾ المراد بالملامسة الجماع؛ لأن قوله: ﴿أو لامستم﴾ إنما جاءت في معرض التيمم لا في معرض الطهارة بالماء، وهي مقابلةٌ لقوله في الطهارة بالماء ﴿وإن كنتم جنباً فاطهروا﴾ ولتستمعوا إلى الآية ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين﴾ هذا الوضوء ﴿وإن كنتم جنباً فاطهروا﴾ هذا الغسل بالماء ﴿وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكم من الغائط﴾ هذا موجب الطهارة الصغرى، لكن في التيمم ﴿أو جاء أحدٌ منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً﴾ هذا موجب الطهارة الكبرى في التيمم
فتكون الآية انقسمت إلى قسمين: القسم الأول منها في طهارة الماء عن الحدث الأصغر بغسل الأعضاء الأربعة، وعن الحدث الأكبر بالتطهير الكامل للبدن. القسم الثاني الطهارة بالتراب عن الحدث الأصغر، قوله ﴿أو جاء أحدٌ منكم من الغائط﴾ وعن الحدث الأكبر قوله ﴿أو لامستم النساء﴾ فتبين الآن أن الآية ليس فيها دليلٌ على نقض الوضوء بمس المرأة وإنما فيها مقابلة قوله ﴿وإن كنتم جنباً فاطهروا﴾ في طهارة الماء بقوله ﴿أو لامستم النساء﴾ في طهارة التيمم.
ثم إننا لو قلنا أن قوله ﴿أو لامستم النساء﴾ يراد به اللمس الذي ينقض الوضوء لكان في الآية تكرار؛ لأن قوله ﴿أو جاء أحدٌ منكم من الغائط﴾ فيه الإشارة إلى الحدث الأصغر، فيكون في الآية لو حملنا ﴿أو لامستم النساء﴾ على ما ينتقض به الوضوء لكان في الآية تكرارٌ لذكر موجبين للوضوء وإغفال موجب الغسل، وهذا بلا شك خلاف ما تقتضيه بلاغة القرآن
*****************
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
-----------
(*) فلا يجب الوضوء إلا بدليل سليم لا معارض له؛ ولأن النساء موجودات في كل بيت غالباً،
والبلوى تعم بمسهن من أزواجهن وغير أزواجهن من المحارم
[المصدر: الشيخ العلامة بن باز]