اساليب الطعن والتشكيك في الدين
الحمد لله
نحمد الله الذي أنزل علينا ديناً قيماً، ورضيه لنا وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}(سورة المائدة:3)، فهو أكمل الأديان وأفضلها وأعلاها وأجلها , أمرنا الله أن نتمسك به، وأن لا نموت حتى نكون ثابتين عليه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} وأخبرنا أنه لا يقبل غيره{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(سورة آل عمران:85)،
وهذا الدين له نصوص من الكتاب والسنة، والوحي المبين، ولقد حاول أعداء الإسلام الطعن فيه والتشكيك ولكن بارت مؤامرتهم وخابت جهودهم، وبقي دين الإسلام منصوراً، ولقد خابت تلك المساعي وعلم أعداؤه أنه لا يمكن القضاء عليه، ولكن لا زالت محاولاتهم في الطعن والتشكيك ومحاولة الترويج بالباطل، ومن ذلك أنهم علموا أنه لا يروج شيء من المكر إلا باستعمال شيء من الشرع، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ولا يشتبه على الناس الباطل المحض، بل لا بد أن يشاب بشيء من الحق"
وحيث أن أحكام الإسلام وهذه الشريعة، أحكام عظيمة فهي أمانة في أعناقنا، وعلينا واجب الدفاع عنها، فلو استُهدف الدين أو أحكامه فنحن بالمرصاد لمن استهدفه، وإذا هوجمت أحكامه فنحن في الدفاع عنها جاهزون، ولكن هذا يحتاج إلى علم وفقه وجهد وثبات وقوة وشجاعة وجرأة في الحق وبصيرة به، ولا بد أن يكون للبدعة إذا أريد الترويج لها شيء مما تطلى به حتى تنطلي، ولذلك يقول الشاطبي رحمه الله: "لا تجد مبتدعاً ممن ينتسب إلى الملة إلا وهو يستشهد على بدعته بدليل شرعي، فينزله على ما وافق عقله وشهوته"
فنحن الآن لا نخشى من أناس يسبون الدين؛ لأن هذا واضح، أي شخص يسمع من يسب الدين سيعلم بأنه عدو واضح، لكن إذا استعمل نصوصاً من الدين في التلبيس، فهذه هي الخشية، هنا تحتاج القضية إلى فهم وعلم
"كلمة حق أريد بها باطل"، قال الحافظ رحمه الله: "انتزعوها من القرآن وحملوها على غير محملها"، والقلم أحد اللسانين، فسواء كان متكلماً أو كان كاتباً، إذ ليس كل من استعمل نصاً من كتاب أو سنة فهو محق في دعواه، لأنه قد يستعمل حديثاً باطلاً موضوعاً، وقد يستعمل حديثاً صحيحاً لكنه يفسره بغير معناه الشرعي، وقد يستعمله وهو منسوخ، وقد يستعمله وهو مخصَص مثلاً أو من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم فيريد تعميمه، أو يكون خاصاً فيريد أن يجعله عاماً، أو يكون مقيداً فيريد أن يجعله مطلقاً، فالآن عملية التضليل صارت عملية احترافية،المسألة ليست سهلة على أي واحد أن يكتشف الضلال بسرعة، وإنما تحتاج القضية إلى نظر وعلم
لأنه قد يأتيك بآية لكن ليس هذا موضعها، قد يأتيك بحديث لكن ليس هذا معناه، فلا هذا مراد الله من الآية، ولا هذا مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديث، ولذلك قال لنا عليه الصلاة والسلام في ((دعاةٍ على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها))، قال في وصفهم ((هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)) رواه البخاري ومسلم، فهم في الظاهر مثلنا أو معنا، وفي الباطن مخالفون لنا في أمورهم
فليس الطعن في الدين الآن بأن يقال الدين خطأ، أو الدين كذب، أو الدين ضلال، لا، هذه مرحلة انتهت، وأعداء الإسلام يعرفون جيداً أن هذا كلام لا يُقبل، أيُّ مسلم يقرأ مثل هذا الكلام يعرف أنه باطل، لكن لبِّس عليهم بآية ليس هذا موضع الاستدلال بها ولا هذا معناها، ولبِّس عليهم بحديث ليس هذا معناه .
***********
فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله
مختصر من مقالة "كلمات حق أُريد بها باطل"
https://alimam.ws/ref/2150