الرؤية حق لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفية‏

الرؤية‏:‏ أي ‏:‏ رؤية المؤمنين لربهم سبحانه وتعالى، فإن المؤمنين يرون ربهم سبحانه وتعالى في الآخرة، يرونه عيانًا بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر، وكما يرون الشمس صحوًا ليس دونها سحاب، كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك في الأحاديث الصحيحة المتواترة عنه عليه الصلاة والسلام
 
 والرؤية حق، أي ‏:‏ ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع أهل السنة والجماعة من السلف والخلف، ولم يخالف فيها إلا المبتدعة وأصحاب المذاهب المنحرفة‏
فالمؤمنون يرون ربهم سبحانه وتعالى كما قال سبحانه‏:‏ ‏{‏وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ‏}‏ ‏[‏القيامة‏:‏ 22، 23‏]‏، وهي وجوه المؤمنين ‏(‏ناضره‏)‏ يعني من النضرة وهي‏:‏ البهاء والحسن ‏ وأما ‏(‏ناظرة‏)‏ فمعناها‏:‏ المعاينة بالأبصار، تقول‏:‏ نظرت إلى كذا، أي ‏:‏ أبصرته، فالنظر له استعمالات في كتاب الله عز وجل 
  
وقال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏26‏]‏ فسر النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏الحسنى‏)‏ بأنها الجنة، وفسر ‏(‏الزيادة‏)‏ بأنها النظر إلى وجه الله الكريم، وهذا في صحيح مسلم 
 
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ‏}‏ ‏[‏ق‏:‏35‏]‏ المزيد‏:‏ هو النظر إلى وجه الله الكريم‏ 
وقال تعالى عن الكفار‏:‏ ‏{‏كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ‏}‏ ‏[‏المطففين‏:‏15‏]‏ فإذا كان الكفار محجوبون عن الله، أي ‏:‏ لا يرونه؛ لأنهم كفروا به في الدنيا فهم حجوبون عن النظر إليه يوم القيامة، وهذا أعظم حرمان وأعظم عذاب، والعياذ بالله 
 
 فدلت الآية على أن المؤمنين ليسوا محجوبين عن الله يوم القيامة، وأنهم يرونه بالنظر إليه في الآخرة؛ لأنهم آمنوا به في الدنيا ولم يروه، وإنما استدلوا عليه سبحانه بآياته ورسالاته، فالله أكرمهم بالنظر إليه يوم القيامة‏.‏
والنظر إلى وجه الله عز وجل أعظم نعيم في الجنة‏ 
هذا مذهب أهل السنة والجماعة، وهذه بعض أدلتهم من القرآن  
 
وأما أدلتهم من السنة فكثيرة جدًا بلغت حد التواتر، كما قال العلامة ابن القيم في كتابه القيم ‏[‏حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح‏]‏، وساق الأحاديث الواردة في الرؤية وقد بلغت حد التواتر‏ 
منها‏:‏ قوله عليه الصلاة والسلام‏:
‏(‏إنكم سترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر، وكما ترون الشمس صحوًا ليس دونها سحاب، لا تُضامون في رؤيته –أو‏:‏ لا تَضامُّون في رؤيته-‏)‏‏
 
‏ يعني ‏:‏ لا تزدحمون على رؤية الله عز وجل؛ لأن كل واحد يرى الرب وهو في مكانه من غير زحام كما أن الناس يرون الشمس والقمر من غير زحام؛ لأن العادة إذا كان الشيء في الأرض وخفي يزدحمون على رؤيته ولكن إذا كان الشيء مرتفعًا كالشمس والقمر فإنهم لا يزدحمون على رؤيته ، كلٌ يراه وهو في مكانه، إذا كان هذا في المخلوق الشمس والقمر، فكيف في الخالق سبحانه وتعالى‏  
 
*******************  
سماحة الشيخ العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان
من كتاب : التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر