من قال‏:‏ لا أدري فقد أجاب

الحمد لله
هذه مسألة عظيمة، وهي مسألة العلم فالإنسان لا يقول ما لا يعلم، إن علم شيئاً قال به، وإن جهل شيئاً فلا يقول به، ولا يقول في أمور الدين والعبادات ولا يدخل فيها بغير علم، بل يتوقف، ويقول‏:‏ الله أعلم‏
والإمام مالك إمام دار الهجرة، جاءه رجل فسأله عن أربعين مسألة، فأجاب عن أربع منها، وقال في الباقي‏:‏ لا أدري، فقال الرجل‏:‏ أنا جئتك من كذا وكذا على راحلتي وتقول‏:‏ لا أدري‏؟‏ قال له الإمام‏:‏ اركب راحلتك، وارجع إلى البلد الذي جئت منه، وقل‏:‏ سألت مالكاً فقال‏:‏ لا أدري‏!‏‏!‏ 
 
والنبي صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن شيء لم ينـزل عليه فيه وحي فإنه ينتظر حتى ينـزل عليه وحي، كذلك الصحابة إذا سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء لا يعلمونه قالوا‏:‏ ‏"‏الله ورسوله أعلم‏"‏، لا يتخرصون‏ 

 فهذا الباب عظيم وخطير، والله عز وجل جعل القول عليه بغير علم مرتبة فوق الشرك به سبحانه وتعالى ‏:‏ ‏وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏ ‏[‏الأعراف‏:‏33‏]‏ 
 وقال سبحانه‏:‏ ‏‏وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ‏ ‏[‏الإسراء‏:‏36‏]‏‏ 
 
يا أخي، يسعك أن تقول‏:‏ لا أدري، ومن قال‏:‏ لا أدري، فقد أجاب، ولا تتخرص وتخوض في أحكام الشرع بغير بصيرة، وقول‏:‏ لا أدري، فيما لا تعلم، ليس نقصاً فيك، بل العكس، هو كمال؛ لأنه ورع وتقوى، والناس يحمدونك على هذا 
 
كثير من المنتسبين إلى العلم -وبخاصة في هذه الأزمنة المتأخرة التي قل فيها الفقهاء وكثر القراء- يفتون ويحكمون ويتخبطون في الأحكام الشرعية في وسائل الإعلام وغيرها بغير بصيرة، ومن فضل الله أنهم انكشفوا أمام الناس بجهلهم، وفضحهم الله عز وجل، ولو أنهم ستروا أنفسهم وتوقفوا عما ليس لهم به علم وتورّعوا؛ لكان ذلك أكمل وأجل لهم عند الله وعند الناس، فلنعتبر بهذا‏‏ 
 
***************  
سماحة الشيخ العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان
من كتاب : التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر