شرح حديث:لا عدوى ولا طيرة
الحمد لله
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ولا نوء ولا غول، ويعجبني الفأل))(2)
أن الأحاديث في هذا الباب تدل على أنه (لا عدوى) على ما يعتقده الجاهليون من كون الأمراض تعدي بطبعها، وإنما الأمر بيد الله سبحانه، إن شاء انتقل الداء من المريض إلى الصحيح وإن شاء سبحانه لم يقع ذلك، ولكن المسلمين مأمورون بأخذ الأسباب النافعة، وترك ما قد يفضي إلى الشر
(ولا طيرة)
-اي التشاؤم- فالمعنى إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من التطير بالمرئيات والمسموعات مما يكرهون وتردهم عن حاجتهم فأبطلها النبي صلى الله عليه وسلم
وقال في الحديث الآخر ((الطيرة شرك الطيرة شرك))(7)
(ولاهامة )
فهو طائر يسمى البومة، يزعم أهل الجاهلية أنه إذا نعق على بيت أحدهم فإنه يموت رب هذا البيت، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
(ولا صفر)
فهو الشهر المعروف، وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون به، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأوضح صلى الله عليه وسلم أنه كسائر الشهور ليس فيه ما يوجب التشاؤم
(ولا نوء)
فهو واحد الأنواء، وهي النجوم، وكان بعض أهل الجاهلية يتشاءمون ببعض النجوم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
( ولا غول )
فهو جنس من الجن يتعرضون للناس في الصحراء، ويضلونهم عن الطرق ويخوفونهم، وكان بعض أهل الجاهلية يعتقدون فيهم، وأنها تتصرف بقدرتها، فأبطل الله ذلك
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان))(10)
والمعنى: أن ذكر الله يطردها، وهكذا التعوذ بكلمات الله التامات من شرّ ما خلق، يقي من شرها وشر غيرها، مع الأخذ بالأسباب التي جعلها الله أسباباً للوقاية من كل شر
(أما الفأل )
فهو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم:
((ويعجبني الفأل، قالوا: يا رسول الله وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة))أ.هـ. (11)
ومن أمثلة ذلك أن يسمع المريض من يقول: يا سليم يا معافى فيسره ذلك، وهكذا إذا سمع من ينشد ضالة من يقول: يا واجد، أو يا ناجح أو يا موفق فيسره ذلك ويتفاءل به، والله ولي التوفيق
************
سماحة الشيخ العلامة بن باز رحمه الله تعالى
----------------------
[2] أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5316، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، برقم 4116
[7] أخرجه الإمام أحمد في باب مسند المكثرين برقم 9345
[10] أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الطيرة، برقم 3418
[11] أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة برقم 6748