شرح حديث: رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره

 الحمد لله
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : 
 (( رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ))[1] 
 
وأشعث : 
من صفات الشعر ، وشعره أشعث يعني ليس له ما يدهن به الشعر ، ولا ما يرجله ، وليس يهتم بمظهره ، وأغبر يعني أغبر اللون ، أغبر الثياب ، وذلك لشدة فقره 
  
مدفوع بالأبواب : 
 يعني ليس له جاه ، إذا جاء إلى الناس يستأذن لا يأذنون له ، بل يدفعونه بالباب ؛ لأنه ليس له قيمة عند الناس لكن له قيمة عند رب العالمين 
  
 لو أقسم على الله لأبره : 
 لو قال : والله لا يكون كذا لم يكن ، والله ليكونن كذا لكان . لو أقسم على الله لأبره ، لكرمه عند الله عز وجل ومنزلته
 
فبأي شيء يحصل هذا ؟ فربما يكون رجل أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله ما أبره  فما هو الميزان ؟
 
الميزان تقوى الله، كما قال الله تعالى ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) [الحجرات13] فمن كان أتقى لله فهو أكرم عند الله ، ييسر الله له الأمر ، يجيب دعاءه ، ويكشف ضره ، ويبر قسمه
 
وهذا الذي أقسم على الله لن يقسم بظلم لأحد ، ولن يجترئ على الله في ملكه ، ولكنه يقسم على الله فيما يرضي الله ثقة بالله عز وجل ، أو في أمور مباحة ثقة بالله عز وجل 
 
وقد مر علينا في قصة الربيع بنت النضر وأخيها أنس بن النضر ؛ فإن الربيع كسرت ثنية جارية من الأنصار ، فاحتكموا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تكسر ثنية الربيع ؛ لأنها كسرت ثنية الجارية الأنثى ، فقال أخوها أنس : يا رسول الله ، تكسر ثنية الربيع ؟ قال  (( نعم ، كتاب الله القصاص ، السن بالسن )) قال : والله لا تكسر ثنية الربيع  قال ذلك ثقة بالله عز وجل ، ورجاءً لتيسيره وتسهيله
 
فأقسم هذا القسم ، ليس رداً لحكم الرسول ، ولكن ثقة بالله عز وجل ، فهدى الله أهل الجارية ورضوا بالدية أو عفوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : 
(( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ))[2]  
 لأنه يقسم على الله في شيء يرضاه الله عز وجل ، إحساناً في ظنه بالله عز وجل 
 
أما من أقسم على الله تألياً على الله ، واستكباراً على عباد الله ، وإعجاباً بنفسه فهذا لا يبر الله قسمه ؛ لأنه ظالم ومن ذلك قصة الرجل العابد الذي كان يمر برجل مسرف على نفسه ، فقال : والله لا يغفر الله لفلان ، أقسم أن الله لا يغفر له ، لماذا يقسم ؟ هل المغفرة بيده ؟ هل الرحمة بيده ؟ فقال الله جل وعلا : 
 ( من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان ؟) استفهام وإنكار( فإني قد غفرت له وأحبطت عملك)[3] 
   
نتيجة سيئة والعياذ بالله ، لم يبر الله بقسمه، بل أحبط عمله، لأنه قال ذلك إعجاباً بعمله، وإعجاباً بنفسه ، واستكباراً على عباد الله عز وجل 
 
*******************
فضيلة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
من شرح رياض الصالحين-الباب الثالث- باب فضل ضعـفة المسلمين والفقراء والخاملين 
 http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18178.shtml
------------------
[1] رواه مسلم ، كتاب البر والصلة ، باب فضل الضعفاء والخاملين ، رقم ( 2622 )
[2]  رواه البخاري ، كتاب الصلح ، باب الصلح في الدية رقم (2703 ) ومسلم ، كتاب القسامة ، باب إثبات القصاص ، رقم ( 1675 ) 
[3]  رواه مسلم ، كتاب البر والصلة ، باب النهي عن تقنيط الإنسان من رحمة الله ، رقم ( 2621

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر