هل تشترك صلاة الفرض وصلاة النفل في الأحكام
الحمد لله
الأصل اشتراك الفرض والنفل في جميع الأمور الواجبة والمكملة والمفسدة والمنقصة
فما ثبت حكمه في أحدهما؛ ثبت للآخر إلا ما دل الدليل على تخصيصه. ولهذا أخذ العلماء أحكام صلاة الفرض والنفل من مطلق صلاته - صلى الله عليه وسلم - وأمره ونهيه
ولكن مع هذا فبينهما فروق كثيرة ترجع إلى سهولة الأمر في النفل والترغيب في فعله
فمنها: أن القيام على القادر ركن في الفرض لا في النفل فيصح النفل جالسا للقاعد ولكن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم
ومنها: جواز صلاة النفل للمسافر راكبا متوجها إلى جهة سيره وكذلك ماشيا وسواء كان السفر طويلا أو قصيرا
وأما الفرض: فلا يصح على الراحلة إلا عند الاضطرار إليه كخوف على نفسه بنزوله أو خوف فوات ما يضره فواته أو إذا كانت الأرض ماشية ماء والسماء تهطل بالمطر ونحو ذلك من مسائل الاضطرار
ومنها: أنهم اشترطوا في الفرض ستر الرجل أحد عاتقيه دون النفل
مع أن الصحيح اشتراكهما في هذا الحكم وأن الجميع مشروع فيه ستر المنكب لا واجب؛ لأنه غير عورة والحديث: « لا يصلين أحدكم في ثوب ليس على عاتقه منه شيء » عام في الفرض والنفل
ومنها: جواز النفل في جوف الكعبة بخلاف الفرض على المذهب
والصحيح: عدم المنع أيضا في الفرض
لأن الحديث الذي احتجوا به على المنع غير صحيح
فبقي الأمر على الأصل
ومنها: أن أوقات النهي خاصة بالنهي عن النوافل دون الفرائض
ومنها: ما قالوا بجواز يسير الشرب في النفل دون الفرض
ومنها: أن من دخل في فرض وجب إتمامه ولم يجز قطعه إلا لعذر بخلاف النفل إلا الحج والعمرة
وهذا فرق عام بين الفروض والنوافل
واعلم أن هذه الفروق غير الفروق العامة الواقعة بين الفرائض والنوافل من:
- تعين الفروض والإثم والعقوبة على تاركها لغير عذر
- وتقدمها عند المزاحمة
- وعظم أجرها أو رفعة درجاتها
فإن هذا معلوم من حد الفرض وحد النفل لا يحتاج إلى ذكره في المسائل المعينة وإنما يذكر عند الكلام على الأمور الكلية العامة
^^^^^^^^^^^^^
سماحة الشيخ العلامة السعدي رحمه الله تعالى
من كتاب: إرشاد أولي البصائر والألباب لـنيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب