تزوج الزاني بالمزني بها ونسبة الولد إليه
الحمد لله
فإن الزنا فاحشة عظيمة، وجريمة لا يعدِلُها بعد الكفر وقتل النفس شئ، وسبيل للشر وإشاعة الفاحشة، وسبب لنشر العداوة والبغضاء، وباب عظيم لكثير من الأمراض والأدواء؛ لذا حرمه الله في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونوَّع في بيان تحريمه، فتارة بالنهي عنه صراحة ، وتارة بوصفه بأقبح الأوصاف، وقرنه بصنوف المحرمات، وتارة بتحريم الطرق المفضية إليه وسدِّها، مما يدل على شناعة أمره، وشدة خطره
قال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء32
قال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }الإسراء32
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً }الفرقان68
قد اختلف أهل العلم في زواج الزاني بالمزني بها إذا لم تكن فراشا لزوج ، واستلحاق ولده منها على قولين
القول الأول: أنه لا يجوز للرجل أن يستلحق ولده من الزنا، وهو قول الأئمة الأربعة
القول الثاني: أن الأفضل أن يتزوجها الزاني، وينسب الولد له، وهذا القول مرويٌّ عن عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، والحسن البصري، وابن سيرين، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمهم الله
أن هذا هو الموافق لقواعد الشرع، فإن الشرع يتشوف إلى ثبوت النسب، وحفظ الولد من الضياع والتشرد والانحراف، وفي الأخذ بهذا القول تحقيق لهذا المطلب الشرعي العظيم، ولا شك أن كون الولد ينشأ منسوبا لأبٍ خيرٌ له من أن ينشأ منسوبا لأمه، مصاحبا للعار بقيةَ عمره، مع ما في هذا القول من الستر على الزناة والزواني وأهليهم وولدهم، وتشجيع لهم على التوبة
وهذا القول هو الذي يترجح، وهو أنه يصح تزوج الزاني من الزانية، لكن بشرط توبة الاثنين والعزم على عدم الرجوع، كما يصح نسبة ولد الزنا لأبيه إذا استلحقه بشرط تزوجه إياها، بل هو الأولى به، وهو ما قضى به الصحابة رضي الله عنهم، فقد كان عمر رضي الله عنه يليط-أي يلحق-أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام(1)
وسئل ابن عباس رضى الله عنهما فيمن فجر بامرأة ثم تزوجها؟ قال: أوله سفاح وآخره نكاح لا بأس به(2)
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:لا بأس بذلك أول أمرها زنا حرام وآخره حلال3)
وسئل عمرو بن جابر بن زيد عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها؟ قال : هو أحق بها، هو أفسدها (4)
والآثار في ذلك كثيرة جدا عن الصحابة والتابعين في القضاء والفتوى بذلك، وقد نقل ابن قدامة في المغني عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال : "لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها, ويستر عليها, والولد ولد له"
(9/122) والله أعلم
==========
مختصر من موقع الفقه الإسلامي
http://www.islamfeqh.com/Lagna/ViewLagnaFatawaDetails.aspx?ID=84
-------------------------------
http://www.islamfeqh.com/Lagna/ViewLagnaFatawaDetails.aspx?ID=84
-------------------------------
(1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف(12374)، والبيهقي في السنن الكبرى10/263
(2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7 / 155
(3) أخرجه عبد الرزاق في المصنف 7 / 202
(4) مصنف ابن أبي شيبة 3 / 361
(2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7 / 155
(3) أخرجه عبد الرزاق في المصنف 7 / 202
(4) مصنف ابن أبي شيبة 3 / 361