الجمع بين قوله تعالى‏: ‏فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره وقوله: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر‏ ‏

الحمد لله  
‏ الجمع بينهما أن الله تعالى يخبر في بعض الآيات بأن الأمر بيده ويخبر في بعض الآيات أن الأمر راجع إلى المكلف ، والجمع بين هذه النصوص أن يقال‏:‏ إن للمكلف إرادة واختياراً وقدرة ، وإن خالق هذه الإرادة والاختيار والقدرة هو الله - عز وجل- فلا يكون للمخلوق إرادة إلا بمشيئة الله - عز وجل- وقد قال الله - تعالى - مبيناً الجمع بين هذه النصوص ‏:‏ ‏{‏لمن شاء منكم أن يستقيم ‏.‏ وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين‏}‏ 
 
 ولكن متى يشاء الله - تعالى - ان يهدي الانسان او ان يضله‏؟‏ هذا هو ما جاء في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فأما من أعطى واتقى ‏.‏ وصدق بالحسنى ‏.‏ فسنيسره للعسرى ‏.‏ وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى‏}‏ 
 
 واقرأ قوله تعالى ‏{‏فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين‏}‏ تجد أن سبب ضلال العبد من نفسه فهو السبب ، والله -تعالى- يخلق عند ذلك فيه إرادة للسوء لأنه هو يريد السوء ، وأما من أراد الخير وسعى في الخير وحرص عليه فإن الله - تعالى -ييسره لليسرى ، ولما حدث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أصحابه ‏:‏ بأنه ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعدة من النار قالوا يارسول الله أفلا نتكل على الكتاب وندع العمل‏؟‏ قال‏ ‏(‏لا ، اعملوا فكل ميسر لما خلق له‏)‏ ثم قرأ هذه الآية { ‏فأما من أعطى واتقى ‏.‏ وصدق بالحسنى ‏.‏ فسنيسره للعسرى ‏.‏ وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى‏}‏
 
واعلم يا أخي أنه لا يمكن أن يوجد في كلام الله أو فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  تناقض أبداً ، فإذا قرأت نصين ظاهرهما التناقض فأعد النظر مرة أخرى ، فسيتبين لك الأمر ، فإن لم تعلم فالواجب عليك التوقف وأن تكل الأمر إلى عالمه والله بكل شيء عليم 
 
============
سماحة الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
من كتاب: مجموع فتاوى ورسائل ش العثيمين المجلد الثاني 

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )

وجود القميص ثلاث مرات في قصة يوسف

تليين القلب الحجر